ابني يحي أن يقيما عنده يوماً فأجاباه فواعد عدة من المغنين فيهم أبو صدقة المدني فقال لأبي صدقة إنك تبرم بكثرة السؤال فصادرني على شيء أدفعه إليك ولا تسأل شيئاً غيره فصادره على شيء أعطاه إياه فلما جلسوا وغنوا أعجبوا بغناء أبي صدقة واقترحوا عليه أصواتاً من غناء ابن سريج ومعبد وابن محرز وغيرهم فغناهم ثم غنى والصنعة له رمل .
( يا ويحَ مَن لعب الهَوى بحياتِه ... فأَماته مِنْ قَبْلِ حينِ مماتِه ) .
( مَنْ ذا كذا كان الشقيَّ بِشادِنٍ ... هاروتُ بين لسانِه ولهَاتِه ) .
وذكر الأبيات الأربعة المتقدم ذكرها قال فأجاد وأحسن ما شاء وطرب جعفر فقال له أحسنت وحياتي وكان عليه دواج خز مبطن بسمور جيد فلما قال له ذلك شرهت نفسه وعاد إلى طبعه فقال لو أحسنت ما كان هذا الدواج عليك ولتخلعنه علي فألقاه عليه ثم غنى أصواتاً من القديم والحديث وغنى بعدها من صناعته في الرمل .
( لَمْ يَطُل العهدُ فتنساني ... ولَمْ أَغِبْ عنك فتنعاني ) .
( بَدّلتَ بي غيري وباهتَّني ... ولم تكن صاحبَ بُهتانِ ) .
( لا وَثِقَتْ نفسي بإنسانٍ ... بَعدك في سرٍّ وإِعلانِ )