عن الفتيان بها وأين يجتمعون فقيل لي عليك بالحمامات فإنهم يجتمعون بها إذا أصبحوا فجئت إلى أحدها فدخلته فإذا فيه جماعة منهم فأنست وانبسطت وأخبرتهم أني غريب ثم خرجوا وخرجت معهم فذهبوا بي إلى منزل أحدهم فلما قعدنا أتينا بالطعام فأكلنا وأتينا بالشراب فشربنا فقلت لهم هل لكم في مغن يغنيكم قالوا ومن لنا بذلك قلت أنا لكم به هاتوا عودا فأتيت به فابتدأت في هنيات أبي عباد معبد فكأنما غنيت للحيطان لا فكهوا لغنائي ولا سوا به فقلت ثقل عليهم غناء معبد بكثرة عمله وشدته وصعوبة مذهبه فأخذت في غناء الغريض فإذا هو عندهم كلا شيء وغنيت خفائف ابن سريج وأهزاج حكم والأغاني التي لي واجتهدت في أن يفهموا فلم يتحرك من القوم أحد وجعلوا يقولون ليت أبا منبه قد جاءنا فقلت في نفسي أرى أني سأفتضح اليوم بأبي منبه فضيحة لم يفتضح أحد قط مثلها .
فبينا نحن كذلك إذ جاء أبو منبه وإذا هو شيخ عليه خفان أحمران كأنه جمال فوثبوا جميعا إليه وسلموا عليه وقالوا يا أبا منبه أبطأت علينا وقدموا له الطعام وسقوه أقداحا وخنست أنا حتى صرت كلا شيء خوفا منه فأخذ العود ثم اندفع يغني