قال إسحاق وقال معبد بعث إلي بعض أمراء الحجاز وقد كان جمع له الحرمان أن أشخص إلى مكة فشخصت قال فتقدمت غلامي في بعض تلك الأيام واشتد علي الحر والعطش فانتهيت إلى خِباء فيه أسود وإذا حِباب ماء قد بُرِّدت فملت إليه فقلت يا هذا اسقني من هذا الماء فقال لا فقلت فأذن لي في الكِنِّ ساعة قال لي فأنخت ناقتي ولجأت إلى ظلها فاستترت به وقلت لو أحدثت لهذا الأمير شيئا من الغناء أقدم به عليه ولعلي إن حركت لساني أن يبل حلقي ريقي فيخفف عني بعض ما أجده من العطش فترنمت بصوتي .
( القصرُ فالنخلُ فالجَمَّاء بينهما ... ) .
فلما سمعني الأسود ما شعرت به إلا وقد احتملني حتى أدخلني خباءه ثم قال أي بأبي أنت وأمي هل لك في سَويق السُّلت بهذا الماء البارد فقلت قد منعتني أقل من ذلك وشربة ماء تجزئني قال فسقاني حتى رويت وجاء الغلام فأقمت عنده إلى وقت الرواح فلما أردت الرحلة قال أي بأبي أنت وأمي الحر شديد ولا آمن عليك مثل الذي أصابك فأذن لي في أن أحمل معك قربة من ماء على عنقي وأسعى بها معك فكلما عطشت سقيتك صحنا وغنيتني صوتا قال قلت ذاك لك فوالله ما فارقني يسقيني وأغنيه حتى بلغت المنزل .
نسخت من كتاب جعفر بن قدامة بخطه حدثني حماد بن إسحاق عن أبيه