فضحك المأمون وقال والله ما نفست عليك مكرمة نلتها ولا أحدوثة حسن عنك ذكرها ولكن هذا شيء إذا عودته نفسك افتقرت ولم تقدر على لم شعثك وإصلاح حالك وزال ما كان في نفسه .
أخبرني وكيع قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال حدثني عبد الله بن فرقد قال أخبرني محمد بن الفضل بن محمد بن منصور قال لما افتتح عبد الله بن طاهر مصر ونحن معه سوغه المأمون خراجها فصعد المنبر فلم يزل حتى أجاز بها كلها ثلاثة آلاف دينار أو نحوها فأتاه معلى الطائي وقد أعلموه ما قد صنع عبد الله بن طاهر بالناس في الجوائز وكان عليه واحدا فوقف بين يديه تحت المنبر فقال أصلح الله الأمير أنا معلى الطائي وقد بلغ مني ما كان منك إلي من جفاء وغلظ فلا يغلظن علي قلبك ولا يستخفنك الذي بلغك أنا الذي أقول .
( يا أعظمَ النَّاسِ عفواً عند مَقْدِرةٍ ... وأَظْلَمَ الناس عند الجُود للمال ) .
( لو أصبحَ النِّيلُ يجري ماؤه ذَهَباً ... لَمَا أشرتَ إلى خَزْنٍ بمِثقالِ ) .
( تُغْلِي بما فيه رِقُّ الحمدِ تَمِلكُه ... وليس شيء أعاضَ الحمدَ بالغالي ) .
( تَفُكُّ بالُيْسرِ كَفَّ العُسْر من زَمَنٍ ... إذا استطالَ على قوم بإقلالِ ) .
( لم تَخْلُ كَفُّك من جُودٍ لمُخْتَبِطٍ ... أ ومُرْهَفٍ قاتلٍ في رأس قَتَّالِ ) .
( وما بَثَثْتَ رَعِيلَ الخيلِ في بَلَدٍ ... إلاّ عَصَفْنَ بأرزاقٍ وآجالِ ) .
( إن كنتُ منكَ على بالٍ منَنْتَ به ... فإنْ شُكْرَك من قلبي على بالِ ) .
( ما زِلْتُ منقضاً لولا مُجَاهَرةٌ ... من أَلْسُنٍ خُضْنَ في صَدْرِي بأقوالِ )