عطشا حتى رمى بخاتمه في فيه فجعل يلوكه ويقول اللهم إنها شدة شديدة فاسترها وقال لأصحابه فداكم أبي وأمي إنما هي الخوارج ولهم حملة فاثبتوا لهم تحت التراس فإذا انقضت حملتهم فاحملوا فإنهم إذا انهزموا لم يرجعوا فكان كما قال حملوا حملة وثبت يزيد ومن معه من عشيرته وأصحابه ثم حمل عليهم فانكشفوا ويقال إن أسد بن يزيد كان شبيها بأبيه جدا وكان لا يفصل بينهما إلا المتأمل وكان أكثر ما يباعده منه ضربة في وجه يزيد تأخذ من قصاص شعره ومنحرفة على جبهته فكان أسد يتمنى مثلها فهوت له ضربة فأخرج وجهه من الترس فأصابته في ذلك الموضع فيقال إنه لو خطت على مثال ضربة أبيه ما عدا جاءت كأنها هي واتبع يزيد الوليد بن طريف فلحقه بعد مسافة بعيدة فأخذ رأسه وكان الوليد خرج إليهم حيث خرج وهو يقول .
( أنا الوليدُ بنُ طَرِيفَ الشَّارِي ... قَسْوَرَةٌ لا يُصْطَلَى بِنَارِي ) .
( جَوْرُكُمُ أخرجني من داري ... ) .
فلما وقع فيهم السيف وأخذ رأس الوليد صبحتهم أخته ليلى بنت طريف مستعدة عليها الدرع والجوشن فجعلت تحمل على الناس فعرفت فقال يزيد دعوها ثم خرج إليها فضرب بالرمح قطاة فرسها ثم قال اغربي غرب الله عليك فقد فضحت العشيرة فاستحيت وانصرفت وهي تقول .
( أيا شجرَ الخابور ما لَكَ مورقاً ... كأنَّك لم تَحزَنْ على ابنِ طريفِ )