عمرو قال وأدام زيارتها وترك من كان يأتيه فيتحدث إليه غيرها وكان يأتيها في كل يوم فلا يزال عندها نهاره أجمع حتى إذا أمسى انصرف فخرج ذات يوم يريد زيارتها فلما قرب من منزلها لقيته جارية عسراء فتطير منها وأنشأ يقول .
( وكيف يُرَجَّى وصلُ لَيْلَى وقد جرى ... بِجَدِّ القُوَى والوصلِ أعسرُ حاسرُ ) .
( صَدِيعُ العَصَا صَعْبُ المرام إذا انتحى ... لوصلِ امرىءٍ جُذَّت عليه الأواصِرُ ) .
ثم سار إليها في غد فحدثها بقصته وطيرته ممن لقيه وأنه يخاف تغير عهدها وانتكاثه وبكى فقالت لا ترع حاش لله من تغير عهدي لا يكون والله ذلك أبدا إن شاء الله فلم يزل عندها يحادثها بقية يومه ووقع له في قلبها مثل ما وقع لهافي قلبه فجاءها يوما كما كان يجيء وأقبل يحدثها فأعرضت عنه وأقبلت على غيره بحديثها تريد بذلك محنته وأن تعلم ما في قلبه فلما رأى ذلك جزع جزعا شديدا حتى بان في وجهه وعرف فيه فلما خافت عليه أقبلت عليه كالمسرة إليه فقالت .
( كِلاَنا مُظهرٌ للناس بغضا ... وكلٌّ عند صاحبه مَكِينُ ) فسري عنه وعلم ما في قلبها فقالت له إنما أردت أن أمتحنك والذي لك عندي أكثر من الذي لي عندك وأعطي الله عهدا إن جالست بعد يومي هذا رجلا