( تَمَالاَ على النُّعمان قومٌ إليهمُ ... مَوَارِدُهُ في مُلْكِهِ ومَصَادِرُهْ ) .
( على غير ذنبٍ كان منه إليهمُ ... سِوَى أَنَّه جادتْ عليهم مَوَاطِره ) .
( فباعَدَهُمْ مِن كلِّ شَرٍّ يَخَافُه ... وقَرّبَهم من كلِّ خيرٍ يُبَادِره ) .
( فظَنُّوا وأعراضُ الظنون كثيرةٌ ... بأنّ الّذي قالوا من الأمر ضائرُه ) .
( فلم يَنْقُصوه بالّذي قِيلَ شَعْرةً ... ولا فُلِّلَتْ أنيابُه وأظافرُه ) .
( وَللْحارِثُ الجَفْنِيُّ أعلمُ بالّذِي ... يَنُوءُ به النُّعْمانُ إن خَفَّ طائِرُهْ ) .
( فيا حارُِكَمْ فيهمْ لِنُعْمانَ نِعْمةٍ ... من الفضل والمَنِّ الذي أنا ذَاكِرُه ) .
( ذُنوباً عفَا عنها ومالاً أفادَه ... وعَظْماً كسيراً قَوّمَتْه جَوَابِرُه ) .
( ولو سَالَ عنك العائبين ابنُ مُنْذِرٍ ... لقالوا له القولَ الذي لا يُحَاوِره ) .
قال فلما سمع ابن جفنة هذا القول عظم يزيد في عينه وأجلسه معه على سريره وسقاه بيده وأعطاه عطية لم يعطها أحدا ممن وفد عليه قط .
فلما قرب يزيد ركائبه ليرتحل سمع صوتا إلى جانبه وإذا هو رجل يقول .
( أمَا مِنْ شفيعٍ من الزائرين ... يُحِبّ الثَّنَا زَنْدُه ثاقِبُ ) .
( يُريد ابنُ جفنة إكرامه ... وقد يمسَح الضَّرَّةَ الحَالِبُ ) .
( فيُنْقِذَني من أَظافيرِه ... وإلاّ فإنِّي غداً ذاهبُ ) .
( فقد قلتُ يوماً على كُرْبةٍ ... وفي الشَّرْب في يَثْرِب غالِبُ )