الأمين قضاء الشرقية فكان يجلس إلى أسطوانة من أساطين المسجد فيستند إليها بجميع جسده ولا يتحرك فإذا تقدم إليه الخصمان أقبل عليهما بجميع جسده وترك الاستناد حتى يفصل بينهما ثم يعود لحاله .
فعمد بعض المجان إلى رقعة من الرقاع التي يكتب فيها الدعاوى فألصقها في موضع ذنبته بالدبق ومكن منها الدبق .
فلما تقدم إليه الخصوم وأقبل عليهم بجميع جسده كما كان يفعل انكشف رأسه وبقيت الذنبة موضعها مصلوبة ملتصقة فقام الخلنجي مغضبا وعلم أنها حيلة وقعت عليه فغطى رأسه بطيلسانه وقام فانصرف وتركها مكانها حتى جاء بعض أعوانه فأخذها .
وقال بعض شعراء ذلك العصر فيه هذه الأبيات .
( إِنّ الخَلَنْجِيَّ من تَتَايُهِهِ ... أثقلُ بادٍ لنا بِطَلْعَتِهِ ) .
( ما إنْ لِذِي نَخْوَةٍ مُنَاسَبةٌ ... بين أخاوينه وقَصْعته ) .
( يُصالح الخَصْمُ مَنْ يُخَاصِمُه ... خوفاً من الجَوْرِ في قَضيَّتِهِ ) .
( لو لَمْ تُدَبِّقْهُ كَفُّ قَانِصِهِ ... لطارَ تِيهاً على رَعِيّتِهِ ) .
قال وشهرت الأبيات والقصة ببغداد وعمل له علويه حكاية أعطاها للزفانين والمخنثين فأحرجوه فيها وكان علويه يعاديه لمنازعة كانت بينهما ففضحه واستعفى الخلنجي من القضاء ببغداد وسأل أن يولى بعض الكور البعيدة فولي جند دمشق أو حمص .
فلما ولي المأمون الخلافة غناه علويه