فنزل وفعل فعلته بالأمس فأرادت أن تعلم هل لها عنده مثل ما عندها فجعلت تعرض عن حديثه ساعة بعد ساعة وتحدث غيره وقد كان علق حبها بقلبه وشغفه واستملحها فبينما هي تحدثه إذ أقبل فتى من الحي فدعته فسارته سرارا طويلا ثم قالت له انصرف فانصرف ونظرت إلى وجه المجنون قد تغير وامتقع وشق عليه ما فعلت فأنشأت تقول .
( كلاَنَا مُظهِرٌ للناس بُغضاً ... وكلٌّ عند صاحبه مَكِينُ ) .
( تُبَلِّغُنَا العيونُ مَقَالَتَيْنا ... وفي القلبين ثمَّ هَوىً دَفِينُ ) .
قد نسبت هذا الشعر متقدما فلما سمع هذين البيتين شهق شهقة عظيمة وأغمي عليه فمكث كذلك ساعة ونضحوا الماء على وجهه حتى أفاق وتمكن حب كل واحد منهما في قلب صاحبه وبلغ منه كل مبلغ .
حدثني عمي عن عبد الله بن أبي سعد عن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل القرشي قال حدثنا أبو العالية عن أبي ثمامة الجعدي قال .
لا يعرف فينا مجنون إلا قيس بن الملوح .
خبر اتصال المجنون بليلى .
قال وحدثني بعض العشيرة قال قلت لقيس بن الملوح قبل أن يخالط ما أعجب شيء أصابك في وجدك بليلى قال طرقنا ذات ليلة أضياف ولم يكن عندنا لهم أدم فبعثني أبي إلى منزل أبي ليلى وقال لي اطلب لنا منه أدما فأتيته فوقفت على خبائه فصحت به فقال ما تشاء فقلت طرقنا ضيفان ولا أدم عندنا لهم فأرسلني أبي نطلب منك أدما فقال يا ليلى أخرجي إليه ذلك النحي فاملئي له إناءه من السمن فأخرجته ومعي قعب فجعلت تصب