من أنسها شيئا حتى نظرت إلى عينيها كأنهما عينا مهاة مذعورة .
فوالله ماراعني إلا ميلها على الدوحة سكرى .
فزين لي والله الغدر وحسن في عيني ثم إن الله عصمني منه فجلست حجرة منها .
فما لبث إلا يسيرا حتى انتبهت فزعة فلاثت عمامتها برأسها وجالت في متن فرسها وقالت جزاك الله عن الصحبة خيرا .
قلت أو ما تزودينني منك زادا فناولتني يدها فقبلتها فشممت والله منها ريح المسك المفتوت فذكرت قول الشاعر .
( كأنها إذ تقضَّى النوم وانتبهت ... سَحَابةُ ما لها عينٌ ولا أثرُ ) .
قلت وأين الموعد قالت إن لي إخوة شرسا وأبا غيورا .
ووالله لأن أسرك أحب إلي من أن أضرك ثم انصرفت .
فجعلت أتبعها بصري حتى غابت .
فهي والله يا بن أبي ربيعة أحلتني هذا المحل وأبلغتني .
فقلت له يا أبا المسهر إن الغدر بك مع ما تذكر لمليح .
فبكى واشتد بكاؤه .
فقلت لاتبك فما قلت لك ما قلت إلا مازحا ولو لم أبلغ في حاجتك بمالي لسعيت في ذلك حتى أقدر عليه فقال لي خيرا فلما انقضى الموسم شددت على ناقتي وشد على ناقته ودعوت غلامي فشد على بعير له وحملت عليه قبة حمراء من أدم كانت لأبي ربيعة المخزومي وحملت معي ألف دينار ومطرف خز وانطلقنا حتى أتينا بلاد كلب فنشدنا عن أبي الجارية فوجدناه في نادي قومه وإذا هو سيد الحي وإذا الناس حوله فوقفت على القوم فسلمت فرد الشيخ السلام ثم قال من الرجل قلت عمر بن أبي ربيعة بن المغيرة فقال المعروف غير المنكر فما الذي جاء بك قلت خاطبا .
قال الكفء والرغبة .
قلت إني لم آت ذلك لنفسي عن غير زهاده فيك ولا جهالة بشرفك ولكني أتيت في حاجة ابن أختكم العذري وها هو ذاك .
فقال