بغصن من أغصان الشجرة وألقى رمحه وأقبل حتى جلس فجعل يحدثني حديثا ذكرت به قول أبي ذؤيب .
( وإنّ حديثاً منكِ لو تَبْذُلِينَه ... جَنَى النَّحْلِ في ألبان عُوذٍ مَطَافلِ ) .
فقمت إلى فرسي فأصلحت من أمره ثم رجعت وقد حسر العمامة عن رأسه فإذا غلام كأن وجهه الدينار المنقوش .
فقلت سبحانك اللهم ما أعظم قدرتك وأحسن صنعتك .
فقال مم ذاك قلت مما راعني من جمالك وبهرني من نورك .
قال وما الذي يروعك من حبيس التراب وأكيل الدواب ثم لا يدري أينعم بعد ذلك أم يبأس .
قلت لا يصنع الله بك إلا خيرا .
ثم تحدثنا ساعة فأقبل علي وقال ما هذا الذي أرى قد سمطت في سرجك قلت شراب أهداه إلي بعض أهلك فهل لك فيه من أرب قال أنت وذاك .
فأتيته به فشرب منه وجعل ينكت أحيانا بالسوط على ثناياه فجعل والله يتبين لي ظل السوط فيهن .
فقلت مهلا فإني خائف أن تكسرهن .
فقال ولم قلت لأنهن رقاق وهن عذاب .
قال ثم رفع عقيرته يتغنى .
( إذا قبّل الإنسانُ آخر يشتهي ... ثناياه لَمْ يأثَمْ وكان له أجْراً ) .
( فإن زاد زاد الله في حَسَناته ... مثاقيلَ يمحو الله عنه بها الوِزْرَا ) .
ثم قام إلى فرسه فأصلح من أمره ثم رجع .
قال فبرقت لي بارقة تحت الدرع فإذا ثدي كأنه حق عاج .
فقلت نشدتك الله امرأة قالت إي والله إلا أني أكره العشير وأحب الغزل .
ثم جلست فجعلت تشرب معي ما أفقد