وكان يوافي الموسم في كل سنة فإذا راث عن وقته ترجمت عنه الأخبار وتوكفت له الأسفار حتى يقدم .
فغمني ذات سنة إبطاؤه حتى قدم حجاج عذرة فأتيت القوم أنشد صاحبي وإذا غلام قد تنفس الصعداء ثم قال أعن أبي المسهر تسأل قلت عنه أسأل وإياه أردت .
قال هيهات هيهات أصبح والله أبو المسهر لا مؤيسا فيهمل ولا مرجوا فيعلل أصبح والله كما قال القائل .
( لَعَمْرُك ما حُبِّي لأسماء تاركي ... أعيشُ ولا أقضي به فأموت ) .
قال قلت وما الذي به قال مثل الذي بك من تهوركما في الضلال وجركما أذيال الخسار فكأنكما لم تسمعا بجنة ولا نار .
قلت من أنت منه يا بن أخي قال أخوه .
قلت أما والله يا بن أخي ما يمنعك أن تسلك مسلك أخيك من الأدب وأن تركب منه مركبه إلا أنك وأخاك كالبرد والبجاد لا ترقعه ولا يرقعك ثم صرفت وجه ناقتي وأنا أقول .
( أرائحةٌ حُجَّاجُ عُذْرَةَ وِجْهةً ... ولَمَّا يَرُحْ في القوم جَعْدُ بنُ مِهْجَعِ ) .
( خليلانِ نشكو ما نُلاَقِي من الهوى ... متى ما يَقُلْ أسْمَعْ وإن قلتُ يَسمع ) .
( ألاَ ليت شعري أيُّ شيءٍ أصابه ... فلي زَفَراتٌ هِجْنَ ما بين أضلُعي ) .
( فلا يُبْعِدَنْكَ الله خِلاًّ فإنني ... سألقَى كما لاقيتَ في كلِّ مَصْرَعِ ... ) .
ثم انطلقتُ حتى وقفت موقفي من عرفات .
فبينا أنا كذلك إذ أنا بإنسان