غنت في هذا البيت عريب خفيف ثقيل أول بالبنصر فبلغ ابن الزبير هذا فدعا النوار فقال إن شئت فرقت بينكما وقتلته فلا يهجونا أبدا وإن شئت سيرته إلى بلاد العدو فقالت ما أريد واحدة منهما قال فإنه ابن عمك وهو فيك راغب أفأزوجه إياك قالت نعم فزوجه إياها فكان الفرزدق يقول خرجنا متباغضين ورجعنا متحابين .
أخبرني أحمد قال حدثني عمر بن شبة قال قال عثمان بن سليمان .
شهدت الفرزدق يوم نازع النوار فتوجه القضاء عليه فأشفق من ذلك وتعرض لابن الزبير بكلام أغضبه وكان ابن الزبير حديدا فقال له ابن الزبير أيا ألأم الناس وهل أنت وقومك إلا جالية العرب وأمر به فأقيم وأقبل علينا فقال إن بني تميم كانوا وثبوا على البيت قبل الإسلام بمائة وخمسين سنة فاستلبوه وأجمعت العرب عليها لما انتهكت ما لم ينتهكه أحد قط فأجلتها من أرض تهامة فلما كان في طائفة من ذلك اليوم لقيني الفرزدق فقال هيه أيعيرنا ابن الزبير جلاءنا عن البيت اسمع ثم قال .
( فإن تَغْضَبْ قريشٌ ثم تغضبْ ... فإنّ الأرض ترعاها تميمُ ) .
( همُ عَدَدُ النجوم وكلُّ حيٍّ ... سواهم لا تُعَدُّ لهم نجوم ) .
( فلولا بنتُ مُرٍّ من نِزارٍ ... لَمَا صحَّ المنَابتُ والأديم ) .
( بها كثر العَديدُ وطاب منكم ... وغيركُم أحذُّ الرِّيشِ هِيم ) .
( فمهلاً عن تذلُّل مَنْ عَزَزْتُم ... بخُولَتِه وعَزَّ به الحَميم ) .
( أعبدَ الله مهلاً عن أَذَاتي ... فإنِّي لا الضعيف ولا السَّؤُوم ) .
( ولكنّي صَفاةٌ لم تُؤَبَّس ... تَزِلُّ الطيرُ عنها والعُصُوم )