فوثب غلمانه إلى رحل قيس ليحطوه فقال لا تفعلوا فلست نازلا أو ألقى بريكة فإني قصدتها في حاجة فإن وجدت لها عندها موضعا نزلت بكم وإلا رحلت فأتوها فأخبروها فخرجت إليه فسلمت عليه ورحبت به وقالت حاجتك مقضية كائنة ما كانت فانزل ودنا منها فقال أذكر حاجتي قالت إن شئت قال أنا قيس بن ذريح قالت حياك الله وقربك إن ذكرك لجديد عندنا في كل وقت قال وحاجتي أن أرى لبنى نظرة واحدة كيف شئت قالت ذلك لك علي فنزل بهم وأقام عندها وأخفت أمره ثم أهدى لها هدايا كثيرة وقال لاطفيها وزوجها بهذا حتى يأنس بك ففعلت وزارتها مرارا ثم قالت لزوجها أخبرني عنك أنت خير من زوجي قال لا قالت فلبنى خير مني قال لا قالت فما بالي أزورها ولا تزورني قال ذلك إليها فأتتها وسألتها الزيارة وأعلمتها أن قيسا عندها فتسارعت إلى ذلك وأتتها فلما رآها ورأته بكيا حتى كادا يتلفان ثم جعلت تسأله عن خبره وعلته فيخبرها ويسألها فتخبره ثم قالت أنشدني ما قلت في علتك فأنشدها قوله .
( أعالج من نفسي بَقايا حُشاشةٍ ... على رَمَقٍ والعائداتُ تعود ) .
( فإنْ ذُكرتْ لُبْنَى هَشِشْتُ لذكرها ... كما هَشَّ للثدي الدَّرُورِ وَليدُ ) .
( أجيب بلُبنى مَنْ دعاني تَجَلُّداً ... وبي زَفَراتٌ تنجلي وتعود ) .
( تُعيد إلى روحي الحياةَ وإنني ... بنفسيَ لو عاينتني لأجود ) .
قال وفي هذه القصيدة يقول .
صوت .
( ألاَ ليتَ أيّاماً مَضَيْن تعود ... فإن عُدْنَ يوماً إنني لسعيدُ ) .
( سَقَى دارَ لُبنى حيث حَلَّتْ وخَيَّمتْ ... من الأرض مُنْهَلُّ الغَمامِ رَعود )