( وأزجُر عنها النفس إذ حيل دونها ... وتأبَى إليها النفسُ إلاّ تَطلُّعا ) .
فأعلمهم أبوه بما رد عليه قالوا فمره بالمسير في أحياء العرب والنزول عليهم فلعل عينه أن تقع على امرأة تعجبه فأقسم عليه أبوه أن يفعل فسار حتى نزل بحي من فزارة فرأى جارية حسناء قد حسرت برقع خز عن وجهها وهي كالبدر ليلة تمه فقال لها ما اسمك يا جارية قالت لبنى فسقط على وجهه مغشيا عليه فنضحت على وجهه ماء وارتاعت لما عراه ثم قالت إن لم يكن هذا قيس بن ذريح إنه لمجنون فأفاق فنسبته فانتسب فقالت قد علمت أنك قيس ولكن نشدتك بالله وبحق لبنى إلا أصبت من طعامنا وقدمت إليه طعاما فأصاب منه بإصبعه وركب فأتى على أثره أخ لها كان غائبا فرأى مناخ ناقته فسألهم عنه فأخبروه فركب حتى رده إلى منزله وحلف عليه ليقيمن عنده شهرا فقال له لقد شققت علي ولكني سأتبع هواك والفزاري يزداد إعجابا بحديثه وعقله وروايته فعرض عليه الصهر فقال له يا هذا إن فيك لرغبة ولكني في شغل لا ينتفع بي معه فلم يزل يعاوده والحي يلومونه ويقولون له قد خشينا أن يصير علينا فعلك سبة فقال دعوني ففي مثل هذا الفتى يرغب الكرام فلم يزل به حتى أجابه وعقد الصهر بينه وبينه على أخته المسماة لبنى وقال له أنا أسوق عنك صداقها فقال أنا والله يا أخي أكثر قومي مالا فما حاجتك إلى تكلف هذا أنا سائر إلى قومي وسائق إليها المهر ففعل وأعلم أباه الذي كان منه فسره وساق المهر عنه ورجع إلى الفزاريين حتى أدخلت عليه زوجته فلم يروه هش إليها ولا دنا منها ولا خاطبها بحرف ولا نظر إليها وأقام على ذلك أياما كثيرة ثم أعلمهم أنه يريد الخروج إلى قومه أياما فأذنوا له في ذلك فمضى لوجهه إلى المدينة وكان له صديق من الأنصار بها فأتاه فأعلمه الأنصاري أن خبر تزويجه بلغ لبنى فغمها وقالت إنه لغدار ولقد كنت أمتنع من إجابة قومي إلى التزويج فأنا الآن أجيبهم وقد كان أبوها شكا قيسا إلى معاوية وأعلمه