لك ويحك تسأل كأنك جاهل أو تتجاهل هذه لبنى ترتحل الليلة أو غدا فسقط مغشيا عليه لا يعقل ثم أفاق وهو يقول .
( وإنّي لمُفْنٍ دمعَ عيْنيَ بالبكا ... حِذَارَ الذي قد كان أو هو كائنُ ) .
( وقالوا غداً أو بعد ذاك بليلةٍ ... فراقُ حبيبٍ لم يَبِنْ وهو بائن ) .
( وما كنتُ أخشى أن تكون منيّتي ... بكفَّيْكِ إلاّ أنّ ما حان حائن ) .
في هذه الأبيات غناء ولها أخبار قد ذكرت في أخبار المجنون قال وقال قيس .
( يقولون لُبْنَى فتنةٌ كنتَ قبلها ... بخير فلا تَنْدَمْ عليها وطلِّقِ ) .
( فطاوعتُ أعدائي وعاصيتُ ناصحي ... وأقررْتُ عين الشامت المُتخلِّق ) .
( وَدِدْتُ وبيتِ الله أنّي عَصَيْتُهم ... وحُمِّلت في رِضوانِها كلَّ مُوبِق ) .
( وكُلِّفتُ خوضَ البحر والبحر زاخرٌ ... أَبِيتُ على أثْبَاج موج مُغَرِّق ) .
( كأنّي أرى الناسَ المحبّين بعدها ... عُصارةَ ماء الحنظل المُتَفَلِّق ) .
( فتُنكر عيني بعدها كلَّ منظَرٍ ... ويكره سمعي بعدَها كلَّ منطق ) .
قال وسقط غراب قريبا منه فجعل ينعق مرارا فتطير منه وقال .
( لقد نادى الغرابُ ببَيْن لُبْنَى ... فطار القلب من حَذَرِ الغرابِ ) .
( وقال غداً تَبَاعَدُ دارُ لُبْنَى ... وتَنْأى بعد ودٍّ واقتراب ) .
( فقلتُ تَعِستَ وَيْحَك من غراب ... وكان الدهرَ سعيُك في تَباب ) .
وقال أيضا وقد منعه قومه من الإلمام بها .
صوت .
( ألاَ يا غرابَ البَيْنِ وَيْحَكَ نَبِنِّي ... بعلمك في لُبْنَى وأنتَ خبيرُ )