عبد الله بن طاهر كان المعتضد يتفقده بالصلات الفينة بعد الفينة واتفق يوما كان فيه مصطبحا أن غني بصوت الصنعة فيه لشاجي جارية عبيد الله فكتب إليه كتابا يقسم أن يأمرها بزيارته ففعل قال فحدثني من حضر من المغنيات ذلك المجلس بعد موت المعتضد قالت دخلت إلينا وما منا إلا من يرفل في الحلي والحلل وهي في أثواب ليست كثيابنا فاحتقرناها فلما غنت احتقرنا أنفسنا ولم تزل تلك حالنا حتى صارت في أعيننا كالجبل وصرنا كلا شيء قال ولما انصرفت أمر لها المعتضد بمال وكسوة ودخلت إلى مولاها فجعل يسألها عن أمرها وما رأت مما استظرفت وسمعت مما استغربت فقالت ما استحسنت هناك شيئا ولا استغربته من غناء ولا غيره إلا عودا من عود محفور فإني استظرفته قال جحظة فما قولك فيمن يدخل دار الخلافة فلا يمد عينه لشيء يستحسنه فيها إلا عودا .
قال محمد بن الحسن الكاتب وحدثني النوشجاني قال كان المعتضد إذا استحسن شعرا بعث به إلى شاجي جارية عبيد الله بن طاهر فتغني فيه قال وكانت صنعتها تسمى في عصره غناء الدار .
قال محمد بن الحسن وماتت شاجي في حياة عبيد الله بن عبد الله بن طاهر وكان عليلا فقال يرثيها وله فيه صنعة من خفيف الثقيل الأول بالوسطى .
( يَميناً يقيناً لو بُلِيتُ بفقدها ... وبي نَبْضُ عِرْقٍ للحياة أو النُّكْسِ ) .
( لأَوْشكتُ قتلَ النفسِ قبل فِراقها ... ولكنها ماتت وقد ذهبتْ نفسي )