( سأشربُها صهباءَ كالمِسك رِيحُها ... وأشربُها في كل نادٍ ومشهد ) .
( فنفسك فَانْصَحْ يابن قيسٍ وخلِّني ... ورَأْيي فما رأيي بِرأيٍ مُفَنَّد ) .
( وقائلةٍ يا حارِ هل أنت ممسكٌ ... عليك من التبذير قلتُ لها اقْصدي ) .
( ولا تأمريني بالسَّدَادِ فإنني ... رأيتُ الكثيرَ المالِ غيرَ مُخَلَّد ) .
( ولا عيبَ إلا اصْطِبَاحِيَ قَهْوَةً ... متى يَمتزجْها الماءُ في الكأس تُزْبد ) .
( مُعَتَّقَةً صهباءَ كالمسك رِيحُها ... إذا هي فاحت أذهبتْ غُلَّةَ الصَّدِي ) .
( إلا إنما الرُّشْدُ المُبينُ طَرِيقُه ... خلافَ الذي قد قلتَ إذ أنت مُرْشِدي ) .
( سأشربُها ما حجّ لِلَّه راكبٌ ... مجاهرةً وَحْدِي ومعْ كل مُسْعِد ) .
( وأُسْعِدُ نَدماني وأتبعُ شَهوتي ... وأبذل عَفْواً كُلَّ مَا مَلَكَتْ يَدِي ) .
( كذا العيشُ لا عيشُ ابن قيسٍ وصَحبه ... من الشُّرْبِ للماء القَراح المُصَرَّد ) .
فقال له الأحنف حسبك فإني أراك غير مقلع عن غيك ولن أعاتبك بعدها أبداً .
قال عاصم ثم كان بعد ذلك بين الأحنف وحارثة كلام وخصومة فافترقا عن مجلسهما متغاضبين فبلغ حارثة أن الأحنف قال أما والله لولا ما يعلم لقلت فيه ما هو أهله فقال حارثة وهل يقدر على أن يذمني بأكثر من الشراب وحبي له وذلك أمر لست أعتذر منه إلى أحد ثم قال في ذلك .
( وكم لائمٍ لي في الشرابِ زَجَرْتُه ... فقلتُ له دَعني وما أنا شاربُ ) .
( فلستُ عن الصهباء ما عشتُ مُقْصِراً ... وإنْ لامني فيها اللئامُ الأَشَائِب ) .
( أَأَتْرُكُ لذَّاتي وآتِي هواكُمُ ... ألا ليس مثلي يابنَ قيسِ يُخالب )