رمانة بعشرين ألف دينار فلما خرجت من ملك أهلها طلبوا إلى الرسل أن يتركوها عندهم أياماً ليجهزوها بما يشبهها من حلي وثياب وطيب وصبغ فقالت لهم الرسل هذا كله معنا لا حاجة بنا إلى شيء منه وأمروها بالرحيل فخرجت حتى نزلت سقاية سليمان بن عبد الملك وشيعها الخلق من أهل المدينة فلما بلغوا السقاية قالت للرسل قوم كانوا يغشونني ويسلمون علي ولا بد لي من وداعهم والسلام عليهم فأذن للناس عليها فانقضوا حتى ملأوا رحبة القصر ووراء ذلك فوقفت بينهم ومعها العود فغنتهم .
( فارَقوني وقد علمتُ يقيناً ... ما لِمَن ذاقَ مِيتةً من إيابِ ) .
( إنّ أهلَ الحِصَابِ قد تركوني ... مُولَعاً مُوزَعاً بأهل الحِصَابِ ) .
( أهلُ بيتٍ تَتَايَعُوا للمنايا ... ما على الدهر بعدهم من عِتابِ ) .
( سكنوا الجِزْعَ جِزْعَ بيتِ أبي موسى ... إلى النخل من صُفِيِّ السِّبَابِ ) .
( كم بذاك الحَجُونِ من حَيّ صِدْقٍ ... وكُهولٍ أعِفَّةٍ وشَبابِ ) .
قال عيسى وكنت في الناس فلم تزل تردد هذا الصوت حتى راحت وانتحب الناس بالبكاء عند ركوبها فما شئت أن أرى باكياً إلا رأيته