على ما أملت امرأتك في مالنا دون مال السلطان وأمر بإعطائه إياه قال فرأيت وجه ابن أبي دلف يتهلل وانكسر ابن أبي البختري انكساراً شديداً .
أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال حدثني محمد بن يزيد المبرد قال أخبرني علي بن القاسم قال .
قال علي بن جبلة زرت أبا دلف بالجبل فكان يظهر من إكرامي وبري والتحفي بي أمراً مفرطاً حتى تأخرت عنه حيناً حياء فبعث إلي معقل بن عيسى فقال يقول لك الأمير قد انقطعت عني وأحسبك استقللت بري بك فلا يغضبنك ذلك فسأزيد فيه حتى ترضى فقلت والله ما قطعني إلا إفراطه في البر وكتبت إليه .
( هجرتُكَ لم أهجُرْكَ من كفر نعمةٍ ... وهل يُرْتَجَى نَيْلُ الزيادة بالكفرِ ) .
( ولكنَّني لمّا أتيتُك زائراً ... فأفرطتَ في بِرِّي عجزتُ عن الشكر ) .
( فَمِ الانَ لا آتيك إلا مُسَلِّماً ... أزورُك في الشهرينِ يوماً أو الشهرِ ) .
( فإن زدْتَنِي بِرّاً تزايدتُ جفوةً ... ولم تلقَني طولَ الحياةِ إلى الحشرِ ) .
فلما قرأها معقل استحسنها جدا وقال أحسنت والله أما إن الأمير لتعجبه هذه المعاني فلما أوصلها إلى أبي دلف قال قاتله الله ما اشعره وأدق معانيه فأعجبته فأجابني لوقته وكان حسن البديهة حاضر الجواب .
( أَلاَ رُبَّ ضيفٍ طارقٍ قد بَسَطتُه ... وآنستُه قبل الضِّيافة بالبِشْرِ ) .
( أتاني يرجِّيني فما حال دونه ... ودون القِرَى والعُرْفِ ما نائلي سِتْري ) .
( وجدتُ له فضلاً عليَّ بقَصْدِه ... إليَّ وبِرّاً زاد فيه على بِرِّي ) .
( فزوَّدته مالاً يَقِلّ بقاؤه ... وزوَّدني مدحاً يدوم على الدهر )