وأنصتوا ولا تشغبوا إلى وقت انقضاء كلامي فمن قبل قولي فالله موفقه ومن خالفني فلا بأس عليه إذ كنت في طاعة ربي فسكت القوم جميعا فتكلم الشيخ فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد النبي ثم قال يا معشر أهل الحجاز إنكم متى تخاذلتم فشلتم ووثب عليكم عدوكم وظفر بكم ولا تفلحوا بعدها أبدا إنكم قد انقلبتم على أعقابكم لأهل العراق وغيرهم ممن لا يزال ينكر عليكم ما هو وارثه عنكم لا ينكره عالمكم ولا يدفعه عابدكم بشهادة شريفكم ووضيعكم يندب إليه كما يندب جموعكم وشرفكم وعزكم فأكثر ما يكون عند عابدكم فيه الجلوس عنه لا للتحريم له لكن للزهد في الدنيا لأن الغناء من أكبر اللذات وأسر للنفوس من جميع الشهوات يحيي القلب ويزيد في العقل ويسر النفس ويفسح في الرأي ويتيسر به العسير وتفتح به الجيوش ويذلل به الجبارون حتى يمتهنوا أنفسهم عند استماعه ويبرىء المرضى ومن مات قلبه وعقله وبصره ويزيد أهل الثروة غنى وأهل الفقر قناعة ورضا باستماعه فيعزفون عن طلب الأموال من تمسك به كان عالما ومن فارقه كان جاهلا لأنه لا منزلة أرفع ولا شيء أحسن منه فكيف يستصوب تركه ولا يستعان به على النشاط في عبادة ربنا D وكلام كثير غير هذا ذهب عن المحدث به فما رد عليه أحد ولا أنكر ذلك منهم بشر وكل عاد بالخطأ على نفسه وأقر بالحق له ثم قال لجميلة أوعيت ما قلت ووقع من نفسك وما ذكرت قالت أجل وأنا أستغفر الله قال لها فاختمي مجلسنا وفرقي جماعتنا بصوت فقط فغنت .
( أفي رسمِ دارٍ دمعُك المترقرِقُ ... سَفَاهاً وما استنطاقُ ما ليس يَنْطِقُ ) .
( بحيثُ التقَى جَمْعٌ وأَقْصَى مُحَسِّرٍ ... مَغَانِيه قد كادتْ عن العهد تَخْلُقُ )