وضرب عليها بقضبان الدفلى على بطون المعزى فما مضت الأيام والليالي حتى سمعت اللحن مؤدى فما خرق مسامعي شيء قط أحسن منه ولقد أذكرني بما يؤثر من حسن صوت داود وجمال يوسف فبينا أنا يوما جالسة إذ طلع علي إبراهيم ضاحكا مستبشرا فقال لي ألا أحدثك بعجب قلت وما هو قال إن لي شريكا في عشق صوت جميلة قلت وكيف ذلك قال كنت عند سياط في يومنا هذا وأنا أغنيه الصوت وقد وقفني فيه على شيء لم أكن أحكمته عن يونس وحضر عند سياط شيخ نبيل فسبح على الصوت تسبيحا طويلا فظننت أنه فعل ذلك لاستحسانه الصوت فلما فرغت أنا وسياط من اللحن قال الشيخ ما أعجب أمر هذا الشعر وأحسن ما غني به وأحسن ما قال قائله فقلت له دون القوم وما بلغ من العجب به قال نعم .
غنت بشعر عمر بن أبي ربيعة في سبيعة أجمل النساء .
حجَّت سبيعة من ولد عبد الرحمن بن أبي بكرة وكانت من أجمل النساء فأبصرها عمر بن أبي ربيعة فلما انحدرت إلى العراق اتبعها يشيعها حتى بلغ معها موضعا يقال له الخورنق فقالت له لو بلغت إلى أهلي وخطبتني لزوجوك فقال لها ما كنت لأخلط تشييعي إياك بخطبة ولكن أرجع ثم آتيكم خاطبا فرجع ومر بالمدينة فقال فيها .
( من البَكَراتِ عِراقيَّةٌ ... تُسمَّى سُبَيعةَ أطريْتُها ) .
ثم أتى بيت جميلة فسألها أن تغني بهذا الشعر ففعلت فأعجبه ما سمع من حسن غنائها وجودة تأليفها فحسن موقع ذلك منه فوجه إلى بعض موالياته ممن كانت تطلب الغناء أن تأتي جميلة وتأخذ الصوت منها فطارحتها إياه أياما حتى حذقت ومهرت به فلما رأى ذلك عمر قال أرى أن تخرجي إلى سبيعة