فاستحسن غناؤهما ثم أقبلت على خليدة فقالت لها بنفسي أنت غني فغنت .
( أَلاَ يا مَنْ يَلُوم على التَّصابي ... أَفِقْ شيئاً لتسمعَ من جوابِي ) .
( بَكرْتَ تَلُومُنِي في الحبّ جَهْلاً ... وما في حبِّ مثلي من مَعَابِ ) .
( أليس من السعادة غيرَ شَكٍّ ... هَوَى مُتواصلين على اقترابِ ) .
( كريمٌ نال وُدّاً في عَفَافٍ ... وسَتْرٍ من منعَّمةٍ كَعَابِ ) .
فاستحسن منها ما غنت وهو بلحنها حسن جدا ثم قالت لعقيلة والشماسية هاتيا فغنتا .
( هجرتِ الحبيبَ اليومَ في غير ما اجتَرَمْ ... وقطَّعْتِ من ذي وُدّكِ الحبلَ فانصرمْ ) .
( أطعت الوُشاةَ الكاشحين ومن يُطِعْ ... مقالةَ واش يَقْرَع السنِّ من نَدَمْ ) .
ثم قالت لفرعة وبلبلة ولذة العيش هاتين فغنين فاندفعن بصوت واحد .
( لعَمْرِي لئن كان الفؤادُ من الهوى ... بَغَى سَقَماً إنِّي إذاً لسَقِيمُ ) .
( عليّ دِماءُ البُدْنِ إن كان حبُّها ... على النأي في طول الزمانَ يَرِيمُ ) .
( تُلِمُّ مُلِمَّاتٌ فيُنْسَيْنَ بَعْدَها ... ويُذْكَر منها العهدُ وهو قديمُ ) .
( فأُقْسِمُ ما صافيتُ بعدكِ خُلَّةً ... ولا لكِ عندي في الفؤاد قَسِيمُ ) .
قالت أحسنتن وهو لعمري حسن وقالت لسعدة والزرقاء غنيا فغنتا .
( قد أرسلوني يُعَزُّونِي فقلتُ لهم ... كيف العَزَاءُ وقد سارتْ بها الرُّفَقُ ) .
( اسْتَهْدَتِ الرِّيمَ عينيه فجادلها ... بمُقْلَتَيْه ولم تُتْرَكْ له عُنُقُ ) .
فاستحسن ذلك ثم قالت للجماعة فغنوا وانقضى المجلس وعاد كل إنسان إلى وطنه فما رئي مجلس ولا جمع أحسن من اليوم الأول ثم الثاني ثم الثالث