( من الخَفِراتِ البِيضِ لم تَرَ غِلْظَةً ... وفي الحَسَبِ الضَّخْم الرَّفَيع نِجَارُها ) .
( فما رَوْضةٌ بالحَزْنِ طيِّبةُ الثَّرَى ... يَمُجُّ النَّدَا جَثْجاثُها وعَرارُها ) .
( بأطيبَ من فيها إذا جئتَ طارقاً ... وقد أوقِدتْ بالمَنْدَل الرَّطْبِ نارُها ) .
فدمعت أعين كثير منهم حتى بل ثوبه وتنفس الصعداء وقال بنفسي أنت يا جميلة ثم قالت للجواري أكففن فكففن وقالت يا عزة غني فغنت بشعر لعمر .
( تذكَّرتَ هنداً وأَعْصارَها ... ولم تَقْضِ نفسُك أوطارَها ) .
( تذكَّرتِ النفسُ ما قد مَضَى ... وهاجتْ على العينِ عُوَّارَها ) .
( لتمنحَ رامةَ منَّا الهوى ... وتَرْعَى لرامةَ أسرارَها ) .
( إذا لم نَزُرْها حِذارَ العِدَا ... حَسَدْنا على الزَّوْرِ زُوَّارَها ) .
فقالت جميلة يا عزة إنك لباقية على الدهر فهنيئا لك حسن هذا الصوت مع جودة هذا الغناء ثم قالت لحبابة وسلامة هاتيا لحنا واحدا فغنتا .
( كَفَى حَزَناً أني أَغِيبُ وتَشْهَدُ ... وما نَلْتَقِي والقلبُ حَرَّانُ مُقْصدُ ) .
( ومن عَجَبٍ أنِّي إذا الليلُ جَنَّنِي ... أقوم من الشوق الشديد وأقعُد ) .
( أَحِنُّ إليكم مثلَ ما حَنَّ تائقٌ ... إلى الوِرْد عَطْشانُ الفؤاد مصرَّدُ ) .
( ولي كَبِدٌ حَرَّى يعذِّبها الهَوَى ... ولي جسدٌ يَبْلَى ولا يتجدَّدُ )