( يا صاحبي شَوْقي أَرَى قاتلي ... ومُورِدِي منها جَوىً يُقْلِقُ ) .
قالت جميلة أحسنتما ثم قالت لفند ورحمة وهبة الله هاتوا جميعا صوتا واحدا فإنكم متفقون في الأصوات والألحان فاندفعوا فغنوا .
( أشاقكَ من نحو العَقيق بُروقُ ... لموامعُ تَخْفَى تارة وتَشُوقُ ) .
( وما لِيَ لا أَهْوَى جواريَ بَرْبَرٍ ... وروُحي إلى أَرْواحِهن تَتُوق ) .
( لهنّ جمال ٌ فائقٌ ومَلاحةٌ ... ودَلٌ على دَلِّ النساء يَفوقُ ) .
وكان بربر حاضرا فقال جواري والله على ما وصفتم فمن شاء أقر ومن شاء انكر فقالت جميلة صدق ثم غنت جميلة بشعر الأعشى ولمعبد فيه صوت أخذه عنها .
( بانت سُعَادُ وأَمْسَى حبلُها انقطعا ... واحتلَّتِ الغَوْر فالجَدَّيْنِ فالفَرَعَا ) .
( واستنكرتْني وما كان الذي نَكِرَتْ ... من الحوادثِ إلا الشَّيْبَ والصَّلَعَا ) .
( تقول بِنْتي وقد قَرَّبْتُ مرتحلاً ... يا ربِّ جَنِّبْ أبي الأَوْصابَ والوَجَعَا ) .
( وكان شيءٌ إلى شيء فغيَّره ... دهرٌ مُلِحٌّ على تفريق ما جَمعا ) .
فلم يسمع شيء أحسن من ابتدائنا بالأمس وختمها في اليوم الثاني وقطعت المجلس فانصرف القوم واقام آخرون فلما كان اليوم الثالث اجتمع الناس فضربت ستارة وأجلست الجواري كلهن فضربن وضربت فضربن على خمسين وترا فتزلزلت الدار ثم غنت على عودها وهن يضربن على ضربها بهذا الشعر .
( فإن خَفِيَتْ كانت لعينك قُرَّةً ... وإن تَبْدُ يوماً لم يُعمِّمْك عارُها )