قالت ما رأيت شيئا أشبه بغنائكم من اتفاق أرواحكم ثم أقبلت على نافع بن طنبورة فقالت هات يا نقش الغضار ويا حسن اللسان فاندفع يغني .
( يا طُولَ ليلي وبتُّ لم أَنَمِ ... وِسَادِيَ الهَمُّ مُبْطِنٌ سَقَمِي ) .
( أنْ قمتُ يوماً على البَلاَطِ فَأَبْصَرتُ ... رَقَاشاً وليت لم أَقُمِ ) .
فقالت جميلة حسن والله ولابن سريج في هذا اللحن أربعة أبيات في صوت ثم قالت يا مالك هات فإني لم أؤخرك لأنك في طبقة آخرهم ولكني أردت أن أختم بك يومنا تبركا بك وكي يكون أول مجلسنا كآخره ووسطه كطرفه وإنك عندي ومعبدا لفي طريقة واحدة ومذهب واحد لا يدفع ذلك إلا ظالم ولا ينكره إلا عاضل الحق أقول فمن شاء فلينكر فسكت القوم كلهم إقرارا لما قالت واندفع يغني .
( عدُوٌّ فمن عَادَتْ وسَلْمٌ لِسَلْمِها ... ومن قرَّبتْ سَلْمَى أحبَّ وقَرَّبَا ) .
( هَبِيني امرَأً إمَّا بريئاً ظلمتِه ... وإمَّا مُسِيئاً تاب بعدُ وأَعْتبا ) .
( أقول التماسَ العُذْر لمَّا ظلَمْتِنِي ... وحمَّلْتِنِي ذنباً وما كنتُ مُذْنِبَا ) .
( ليَهْنِئْك إشماتُ العدوّ بهَجْرِنا ... وقَطْعُك حبلَ الوصل حتى تقضَّبا ) .
قالت جميلة ليت صوتك يا مالك قد دام لنا ودمنا له وقطعت المجلس وانصرف عامة الناس وبقي خواصهم فلما كان اليوم الثاني حضر القوم جميعا فقالت لطويس هات يا أبا عبد النعيم قال فأنكر ما فعلت جميلة في اليوم الأول لأن طويسا لم يكن يرضى بذلك فأخبرني ابن جامع أن جميلة صنفتهم طويسا واصحابه وابن سريج وأصحابه ثم أقرعت بينهم فخرجت القرعة