صدوقا فلم أكتحل بعده بإثمد ولا فرقت رأسي بمخيط ولا مشط ولا دهنته إلا من صداع خفت على بصري منه ولا لبست خمارا مصبوغا ولا إزاراً ولا أزال أبكيه إلى الممات قالت جميلة فأنشدتني الشعر كله وهذا الغناء بعضه وهو .
( ألا مَنْ لقلبٍ لا يَمَلُّ فيَذْهَلُ ... أَفِقْ فالتعزِّي عن بُثَينَةَ أجملُ ) .
قال ابن سلام حدثني جرير قال .
زار ابن سريج جميلة ليسمع منها ويأخذ عنها فلما قدم عليها أنزلته وأكرمته وسألته عن أخبار مكة فأخبرها وبلغ معبداً الخبر وكانت تطارحه وتسأله عن أخبار مكة فيخبرها وكانت عندها جارية محسنة لبقة ظريفة فابتدأت تطارحها فقال ابن سريج سبحان الله نحن كنا أحق بالابتداء قالت جميلة كل إنسان في بيته أمير وليس للداخل أن يتأمر عليه فقال ابن سريج صدقت جعلت فداءك وما أدري أيهما أحسن أدبك أم غناؤك فقالت له كف يا عبيد فإن النبي قال احثوا في وجوه المداحين التراب فسكت ابن سريج وطارحت الجارية بشعر حاتم الطائي .
( أتعرفُ آثارَ الديار توهُّماً ... كَخَطِّك في رَقٍّ كتاباً مُنَمْنما ) .
( أذاعتْ به الأرواحُ بعد أَنيسها ... شهوراً وأيَّاماً وحَوْلاً مجرَّما ) .
( فأصبَحْنَ قد غَيَّرْنَ ظاهرَ تُرْبِه ... وغيَّرتِ الأنواءُ ما كان مَعْلَما ) .
( وغيَّرها طولُ التقادُم والبِلَى ... فما أعرف الأطلالَ إلا توهَّمَا )