حسنة البيان عفيفة البطن والفرج قالت والله ما أرادني جميل رحمة الله عليه بريبة قط ولا حدثت أنا نفسي بذلك منه وإن الحي انتجعوا موضعا وإني لفي هودج لي أسير إذا أنا بهاتف ينشد أبياتا فلم أتمالك أن رميت بنفسي وأهل الحي ينظرون فبقيت أطلب المنشد فلم أقف عليه فناديت أيها الهاتف بشعر جميل ما وراءك منه وأنا أحسبه قد قضى نحبه ومضى لسبيله فلم يجبني مجيب فناديت ثلاثا وفي كل ذلك لا يرد علي أحد شيئا فقال صواحباتي أصابك يا بثينة طائف من الشيطان فقلت كلا لقد سمعت قائلا يقول قلن نحن معك ولم نسمع فرجعت فركبت مطيتي وأنا حيرى والهة العقل كاسفة البال ثم سرنا فلما كان في الليل إذا ذلك الهاتف يهتف بذلك الشعر بعينه فرميت بنفسي فسعيت إلى الصوت فلما قربت منه انقطع فقلت أيها الهاتف ارحم حيرتي وسكن عبرتي بخبر هذه الأبيات فإن لها شأنا فلم يرد علي شيئا فرجعت إلى رحلي فركبت وسرت وأنا ذاهبة العقل وفي كل ذلك لا يخبرني صواحباتي أنهن سمعن شيئا فلما كانت الليلة القابلة نزلنا وأخذ الحي مضاجعهم ونامت كل عين فإذا الهاتف يهتف بي ويقول يا بثينة أقبلي إلي أنبئك عما تريدين فأقبلت نحو الصوت فإذا شيخ كأنه من رجال الحي فسألته عن اسمه وبيته فقال دعي هذا وخذي فيما هو أهم عليك فقلت له وإن هذا لمما يهمني قال اقنعي بما قلت لك قلت له أنت المنشد الأبيات قال نعم قلت فما خبر جميل قال نعم فارقته وقد قضى نحبه وصار إلى حفرته رحمة الله عليه فصرخت صرخة آذنت منها الحي وسقطت لوجهي فأغمي علي فكأن صوتي لم يسمعه أحد وبقيت سائر ليلتي ثم أفقت عند طلوع الفجر وأهلي يطلبونني فلا يقفون على موضعي ورفعت صوتي بالعويل والبكاء ورجعت إلى مكاني فقال لي أهلي ما خبرك وما شأنك فقصصت عليهم القصة فقالوا يرحم الله جميلا واجتمع نساء الحي وأنشدتهن الأبيات فأسعدنني بالبكاء فأقمن كذلك لا يفارقنني ثلاثا وتحزن الرجال أيضا وبكوا ورثوه وقالوا كلهم يC فإنه كان عفيفا