من جرم ساقته السنة والجدب من بلاده إلى بلاد بني قشير وكان بينهم وبين بني قشير حرب عظيمة فلم يجدوا بدا من رمي قشير بأنفسهم لما قد ساقهم من الجدب والمجاعة ودقة الأموال وما أشرفوا عليه من الهلكة ووقع الربيع في بلاد بني قشير فانتجعها الناس وطلبوها فلم يعد أن لقيت جرم قشيراً فنصبت قشير لهم الحرب فقالت جرم إنما جئنا مستجيرين غير محاربين قالوا مما ذا قالوا من السنة والجدب والهلكة التي لا باقية لها فأجارتهم قشير وسالمتهم وأرعتهم طرفا من بلادها وكان في جرم فتى يقال له مياد وكان غزلا حسن الوجه تام القامة آخذا بقلوب النساء والغزل في جرم جائز حسن وهو في قشير نائرة فلما نازلت جرم قشيرا وجاورتها اصبح مياد الجرمي فغدا إلى القشيريات يطلب منهن الغزل والصبا والحديث واستبراز الفتيات عند غيبة الرجال واشتغالهم بالسقي والرعية وما أشبه ذلك فدفعنه عنهن وأسمعنه ما يكره وراحت رجالهن عليهن وهن مغضبات فقال عجائز منهن والله ما ندري أرعيتم جرما المرعى أم أرعيتموهم نساءكم فاشتد ذلك عليهم فقالوا وما أدراكنه قلن رجل منذ اليوم ظل مجحرا لنا ما يطلع منا رأس واحدة يدور بين بيوتنا فقال بعضهم بيتوا جرما فاصطلموها وقال بعضهم قبيح قوم قد سقيتموهم مياهكم وأرعيتموهم مراعيكم وخلطتموهم بأنفسكم وأجرتموهم من القحط والسنة تفتانون عليهم هذا الافتيات لا تفعلوا ولكن تصبحوا وتقدموا إلى هؤلاء القوم في هذا الرجل فإنه سفيه من سفهائهم فليأخذوا على يديه فإن يفعلوا فأتموا لهم إحسانكم وإن يمتنعوا ويقروا ما كان منه يحل لكم البسط عليهم وتخرجوا من ذمتهم فأجمعوا على ذلك فلما