( يَرَيْنَ قريباً بيتَها وهي لا تَرَى ... سوى بيتها بيتاً قريباً ولا سَهْلاَ ) .
فقالت له فليحة كأنك تريد رخية قال إي والله قالت إني أخشى أن تجيء منك بولد وهي لغير رشدة فقال لها إن الدنس لا يلحق الأعقاب ولا يضر الأحساب فقالت له فماذا يضر إذاً والله ما يضر إلا الأعقاب والأحساب وقد وهبتها لك فسر بذلك وقال أما والله لقد أعطيتك خيراً منها قالت وما هو قال أبيات جميل التي أنشدتك إياها لقد مكثت أسعى في طلبها حولين فضحكت وقالت ما لي ولأبيات جميل والله ما ابتغيت إلا مسرتك قال فولدت منه غلاما وكانت فليحة تدعو الله إلا يبقيه فبينا محمد في بعض هربه من المنصور والجارية وابنها معه إذ رهقهما الطلب فسقط الصبي من الجبل فتقطع فكان محمد بعد ذلك يقول أجيب في هذا الصبي دعاء فليحة .
وقال الهيثم بن عدي وأصحابه في أخبارهم .
لما نذر أهل بثينة دم جميل وأباحهم السلطان قتله أعذروا إلى أهله وكانت منازلهم متجاورة إنما هم بيوتات يفترقون كما يفترق البطون والأفخاذ والقبائل غير متباعدين ألم تر قول جميل .
( أَبِيتُ مع الهُلاَّك ضَيْفاً لأهلها ... وأَهْلِي قريبٌ مُوسِعونَ أُولُو فَضْلِ ) .
فمشت مشيخة الحي إلى أبيه وكان يلقب صباحا وكان ذا مال وفضل وقدر في أهله فشكوه إليه وناشدوه الله والرحم وسألوه كف ابنه عما يتعرض له ويفضحهم به في فتاتهم فوعدهم كفه ومنعه ما استطاع ثم انصرفوا فدعا به فقال له يا بني حتى متى أنت عمه في ضلالك لا تأنف من أن تتعلق بذات بعل يخلو بها وينكحها وأنت عنها بمعزل ثم تقوم من تحته إليك فتغرك