( وكيف يَرُوع القلبَ يا عزّ رائعٌ ... ووجهك في الظَّلْماء للسَّفْر مَعْلَمُ ) .
( وما ظلمتْكِ النفسُ يا عَزّ في الهوى ... فلا تَنْقِمِي حبِّي فما فيه مَنْقَمُ ) .
قال فبكيا قطعة من الليل ثم انصرفا .
وقال الهيثم بن عدي ومن ذكر روايته معه من أصحابه .
زار جميل بثينة ذات يوم فنزل قريبا من الماء يترصد أمة لها أو راعية فلم يكن نزوله بعيدا من ورود أمة حبشية معها قربة وكانت به عارفة وبما بينها وبينه فسلمت عليه وجلست معه وجعل يحدثها ويسألها عن أخبار بثينة ويحدثها بخبره بعدها ويحملها رسائله ثم أعطاها خاتمه وسألها دفعه إلى بثينة وأخذ موعد عليها ففعلت وانصرفت إلى أهلها وقد أبطأت عليهم فلقيها أبو بثينة وزوجها وأخوها فسألوها عما أبطأ بها فالتوت عليهم ولم تخبرهم وتعللت فضربوها ضربا مبرحا فأعلمتهم حالها مع جميل ودفعت إليهم خاتمه ومر بها في تلك الحال فتيان من بني عذرة فسمعا القصة كلها وعرفا الموضع الذي فيه جميل فأحبا أن يثبطا عنه فقالا للقوم إنكم إن لقيتم جميلا وليست بثينة معه ثم قتلتموه لزمكم في ذلك كل مكروه وأهل بثينة أعز عذرة فدعوا الأمة توصل خاتمه إلى بثينة فإذا زارها بيتموهما جميعا قالوا صدقتما لعمري إن هذا الرأي فدفعوا الخاتم إلى الأمة وأمروها بإيصاله وحذروها أن تخبر بثينة بأنهم علموا القصة ففعلت ولم تعلم بثينة بما جرى ومضى الفتيان فأنذرا جميلا فقال والله ما أرهبهم وإن في كنانتي ثلاثين سهما والله لا أخطأ كل واحد منها رجلا منهم وهذا سيفي والله ما أنا به رعش اليد ولا جبان الجنان فناشداه الله وقالا البقية أصلح فتقيم عندنا