فكان يصعد بالليل على قور رمل يتنسم الريح من نحو حي بثينة ويقول .
( أيا ريحَ الشَّمالِ أما تَرَيْنِي ... أَهِيمُ وأنَّني بادِي النُّحُولِ ) .
( هَبِي لي نَسْمةً من ريح بَثْنٍ ... ومُنِّي بالهُبُوب إلى جَمِيلِ ) .
( وقولي يا بُثينَةُ حَسْبُ نَفْسِي ... قليلُك أو أقلُّ من القليل ) .
فإذا بدا وضح الصبح انصرف وكانت بثينة تقول لجوار من الحي عندها ويحكن إني لأسمع أنين جميل من بعض القيران فيقلن لها اتقي الله فهذا شيء يخيله لك الشيطان لا حقيقة له .
تذاكر النسيب مع كثير .
حدثني أحمد بن عمار قال حدثني يعقوب بن نعيم قال حدثني أحمد بن يعلى قال حدثني سويد بن عصام قال حدثني روح أبو نعيم قال .
التقى جميل وكثير فتذاكرا النسيب فقال كثير يا جميل اترى بثينة لم تسمع بقولك .
( يقِيكِ جميل كلَّ سُوءٍ أما له ... لديكِ حديثٌ أو إليكِ رسولُ ) .
( وقد قلتُ في حبِّي لكم وصَبَابتي ... مَحَاسِن شعرٍ ذِكْرُهنَّ يَطُول ) .
( فإن لم يكن قولي رضاكِ فعَلِّمِي ... هُبوبَ الصَّبَا يا بَثْن كيف أقولُ ) .
( فما غاب عن عيني خيالُكِ لحظةً ... ولا زال عنها والخيالُ يَزُول ) .
فقال جميل أترى عزة يا كثير لم تسمع بقولك .
( يقول العِدَا يا عَزّ قد حال دونكم ... شجاعٌ على ظهر الطريق مُصَمِّمُ ) .
( فقلتُ لها واللِّهِ لو كان دونكم ... جهنَّمُ ما راعتْ فؤادِي جهنَّمُ )