الأحوص بن محمد الشاعر من قباء على حمار فقال أين هذا فقلنا قام لحاجة فما حاجتك إليه قال أريد والله أن أعلمه أن الفرزدق أشعر منه وأشرف قلنا ويحك لا تعرض له وانصرف فانصرف وخرج فجاء جرير فلم يكن بأسرع من أن أقبل الأحوص الشاعر فأقبل عليه فقال السلام عليك يا جرير قال جرير وعليك السلام فقال الأحوص يابن الخطفي الفرزدق أشرف منك وأشعر قال جرير من هذا أخزاه الله قلنا الأحوص بن محمد بن عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فقال نعم هذا الخبيث ابن الطيب أأنت القائل .
( يَقَرُّ بعَيْني ما يَقَرُّ بعَيْنِها ... وأحسنُ شيء ما به العينُ قرَّتِ ) .
قال نعم قال فإنه يقر بعينها أن يدخل فيها مثل ذراع البكر أفيقر ذلك بعينك قال وكان الأحوص يرمي بالحلاق فانصرف فبعث إليهم بتمر وفاكهة وأقبلنا على جرير نسائله وأشعب عند الباب وجرير في مؤخر البيت فألح عليه أشعب يسأل فقال والله إني لأراك أقبحهم وجها وأراك ألأمهم حسبا فقد أبرمتني منذ اليوم قال إني والله أنفعهم وخيرهم لك فانتبه جرير وقال ويحك كيف ذاك قال إني أملح شعرك وأجيد مقاطعه ومبادئه فقال قل ويحك فاندفع أشعب فنادى بلحن ابن سريج .
( يا أُختَ نَاجِيَةَ السلامُ عليكُم ... قبلَ الرَّحِيل وقبل عَذْلِ العُذَّلِ ) .
( لو كنتُ أعلمَ أنَّ آخرَ عهدِكم ... يومُ الرَّحيل فعَلتُ ما لم أفعلِ ) .
فطرب جرير وجعل يزحف نحوه حتى ألصق بركبته ركبته وقال لعمري لقد صدقت إنك لأنفعهم لي وقد حسنته وأجدته وزينته أحسنت والله ثم وصله