يمشي ولم يركب دابته وقال والله ما يسرني أن يعلم أحد وكان لراعي الإبل والفرزدق وجلسائهما حلقة بأعلى المربد بالبصرة يجلسون فيها قال فخرجت أتعرض له لألقاه من حيال حيث كنت أراه يمر إذا انصرف من مجلسه وما يسرني أن يعلم أحد حتى إذا هو قد مر على بغلة له وابنه جندل يسير وراءه على مهر له أحوى محذوف الذنب وإنسان يمشي معه يسأله عن بعض السبب فلما استقبلته قلت مرحبا بك يا أبا جندل وضربت بشمالي على معرفة بغلته ثم قلت يا أبا جندل إن قولك يستمع وإنك تفضل الفرزدق علي تفضيلا قبيحا وأنا أمدح قومك وهو يهجوهم وهو ابن عمي ويكفيك من ذاك هين إذا ذكرنا أن تقول كلاهما شاعر كريم ولا تحتمل مني ولا منه لائمة قال فبينا أنا وهو كذاك واقفا علي وما رد علي بذلك شيئا حتى لحق ابنه جندل فرفع كرمانية معه فضرب بها عجز بغلته ثم قال لا أراك واقفا على كلب من بني كليب كأنك تخشى منه شرا أو ترجو منه خيرا وضرب البغلة ضربة فرمحتني رمحة وقعت منها قلنسوتي فوالله لو يعرِّج علي الراعي لقلت سفيه غوى يعني جندلا ابنه ولكن لا والله ما عاج علي فأخذت قلنسوتي فمسحتها ثم أعدتها على راسي ثم قلت .
( أَجَنْدلُ ما تقول بنو نُمَيْرٍ ... إذا ما الأْير في استِ أبيك غابَا ) .
فسمعت الراعي قال لابنه أما والله لقد طرحت قلنسوته طرحة مشؤومة .
قال جرير ولا والله ما القلنسوة بأغيظ أمره إلي لو كان عاج علي فانصرف جرير غضبان حتى إذا صلى العشاء بمنزله في علية له قال ارفعوا إلي