كنت جالسا في مجلس أبي جعفر المنصور وهو بالجسر وهو قاعد مع جماعة على دجلة بالبصرة وسوار بن عبد الله العنبري قاضي البصرة جالس عنده والسيد بن محمد بين يديه ينشد قوله .
( إن الاله الذي لا شيءَ يُشْبهه ... أعطاكم الملكَ للدّنيا وللدِّين ) .
( أعطاكم اللهُ مُلكاً لا زوالَ له ... حتى يُقادَ اليكم صاحبُ الصِّينِ ) .
( وصاحبُ الهند مأخوذاً برُمَّته ... وصاحبُ التُّرْك محبوساً على هُون ) والمنصور يضحك سرورا بما ينشده فحانت منه التفاتة فرأى وجه سوار يتربد غيظا ويسود حنقا ويدلك إحدى يديه بالأُخرى ويتحرق فقال له المنصور مالك أرابك شيء قال نعم هذا الرجل يعطيك بلسانه ما ليس في قلبه والله يا أمير المؤمنين ما صدقك ما في نفسه وإن الذين يواليهم لغيركم فقال المنصور مهلا هذا شاعرنا وولينا وما عرفت منه إلا صدق محبة وإخلاص نية فقال له السيد يا أمير المؤمنين والله ما تحملت غضكم لأحد وما وجدت أبوي عليه فافتتنت بهما وما زلت مشهورا بموالاتكم في أيام عدوكم فقال له صدقت قال ولكن هذا وأَهلوه أعداء الله ورسوله قديما والذين نادوا رسول الله وراء الحجرات فنزلت فيهم آية من القرآن ( أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُون ) وجرى بينهما خطاب طويل فقال السيد قصيدته التي أولها .
( قِفْ بنا يا صَاحِ واْرْبَعْ ... بالمَغَاني المُوحِشَاتِ )