أن الأمين دعاني يوما فقال لي يا حسين إن جليس الرجل عشيره وثقته وموضع سره وأمنه وإن جاريتي فلانة أحسن الناس وجها وغناء وهي مني بمحل نفسي وقد كدرت علي صفوها ونغصت علي النعمة فيها بعجبها بنفسها وتجنيها علي وإدلالها بما تعلم من حبي إياها وإني محضرها ومحضر صاحبة لها ليست منها في شيء لتغني معها فإذا غنت وأومأت لك إليها على أن أمرها أبين من أن يخفى عليك فلا تستحسن الغناء ولا تشرب عليه وإذا غنت الأخرى فاشرب واطرب واستحسن واشقق ثيابك وعلي مكان كل ثوب مائة ثوب فقلت السمع والطاعة فجلس في حجرة الخلوة وأحضرني وسقاني وخلع علي وغنت المحسنة وقد أخذ الشراب مني فما تمالكت أن استحسنت وطربت وشربت فأومأ إلي وقطب في وجهي ثم غنت الأخرى فجعلت أتكلف ما أقوله وأفعله .
ثم غنت المحسنة ثانية فأتت بما لم أسمع مثله قط حسنا فما ملكت نفسي أن صحت وشربت وطربت وهو ينظر إلي ويعض شفتيه غيظا وقد زال عقلي فما أفكر فيه حتى فعلت ذلك مرارا وكلما ازداد شربي ذهب عقلي وزدت مما يكره فغضب فأمضني وأمر بجر رجلي من بين يديه وصرفي فجررت وصرفت فأمر بأن أحجب وجاءني الناس يتوجعون لي ويسألوني عن قصتي فأقول لهم حمل علي النبيذ فأسأت أدبي فقومني أمير المؤمنين بصرفي وعاقبني بمنعي من الوصول إليه ومضى لما أنا فيه شهر ثم جاءتني البشارة أنه قد رضي عني وأمر بإحضاري فحضرت وأنا خائف .
فلما وصلت أعطاني الأمين يده فقبلتها وضحك إلي وقام وقال اتبعني ودخل إلى تلك الحجرة بعينها ولم يحضر غيري .
وغنت المحسنة التي نالني من أجلها ما نالني فسكت فقال لي قل ما شئت ولا تخف فشربت واستحسنت ثم قال لي يا حسين لقد خار الله لك بخلافي وجرى القدر بما تحب فيه إن هذه الجارية عادت إلى الحال التي أُريد منها ورضيت كل أفعالها فأذكرتني بك وسألتني الرضا عنك والاختصاص لك وقد فعلت ووصلتك بعشرة آلاف دينار ووصلتك هي