حدثنا هشام بن الكلبي عن أبيه يزيد أحدهما على الآخر في خبره واللفظ لصالح بن حسان وخبره أتم قال حجت عاتكة بنت معاوية بن أبي سفيان فنزلت من مكة بذي طوى فبينا هي ذات يوم جالسة وقد اشتد الحر وانقطع الطريق وذلك في وقت الهاجرة إذ أمرت جواريها فرفعن الستر وهي جالسة في مجلسها عليها شفوف لها تنظر إلى الطريق إذ مر بها أبو دهبل الجمحي وكان من أجمل الناس وأحسنهم منظرا فوقف طويلا ينظر إليها وإلى جمالها وهي غافلة عنه فلما فطنت له سترت وجهها وأمرت بطرح الستر وشتمته فقال أبو دهبل .
( إني دعاني الحَيْن فاقتادني ... حتى رأيتُ الظبي بالبابِ ) .
( يا حسنَه إذ سبّني مُدْبِراً ... مستَتِراً عنّي بجِلباب ) .
( سبحان من وقّفها حسرةً ... صُبّت على القلب بأوصاب ) .
( يذود عنها إن تطلّبتُها ... أبٌ لها ليس بوهّاب ) .
( أحلّها قصراً منيعَ الذُّرَى ... يُحْمَى بأبواب وحُجّاب ) قال وأنشد أبو دهبل هذه الأبيات بعض إخوانه فشاعت بمكة وشهرت وغنى فيها المغنون حتى سمعتها عاتكة إنشادا وغناء فضحكت وأعجبتها وبعثت إليه بكسوة وجرت الرسل بينهما فلما صدرت عن مكة خرج معها إلى الشأم ونزل قريبا منها فكانت تعاهده بالبر واللطف حتى وردت دمشق وورد معها فانقطعت عن لقائه وبعد من أن يراها ومرض بدمشق مرضا طويلا فقال في ذلك