أن أم جعفر لما أكثر الأحوص في ذكرها جاءت منتقبة فوقفت عليه في مجلس قومه ولا يعرفها وكانت امرأة عفيفة فقالت له اقض ثمن الغنم التي ابتعتها مني فقال ما ابتعت منك شيئا .
فأظهرت كتابا قد وضعته عليه وبكت وشكت حاجة وضرا وفاقة وقالت يا قوم كلموه فلامه قومه وقالوا اقض المرأة حقها فجعل يحلف أنه ما رآها قط ولا يعرفها .
فكشفت وجهها وقالت ويحك أما تعرفني فجعل يحلف مجتهدا أنه ما يعرفها ولا رآها قط حتى إذا استفاض قولها وقوله واجتمع الناس وكثروا وسمعوا ما دار وكثر لغطهم وأقوالهم قامت ثم قالت أيها الناس اسكتوا .
ثم أقبلت عليه وقالت يا عدو الله صدقت والله مالي عليك حق ولا تعرفني وقد حلفت على ذلك وأنت صادق وأنا أم جعفر وأنت تقول قلت لأم جعفر وقالت لي أم جعفر في شعرك فخجل الأحوص وانكسر عن ذلك وبرئت عندهم .
أبو السائب المخزومي يطرب لشعره .
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير وأخبرني به محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا ثعلب قال حدثنا الزبير عن عبد الملك بن عبد العزيز قال أنشدت أبا السائب المخزومي قول الأحوص .
( لقد منعتْ معروفَها أمُّ جعفر ... وإنِّي إلى معروفها لفقيرُ ) .
فلما انتهيت إلى قوله .
( أزور على أن لست أنفكُّ كلَّما ... أتيتُ عدوّا بالبنان يُشير )