بحضرة أمير المؤمنين صوتا فيه ذكر زينب وقد كان النبيذ أخذ مني فأنسيت شعره واستعدته إياه فلم يعده فاحتل لي عليه حتى تأخذه لي منه ولك علي سبق .
فقال لي المارقي وأنا يومئذ غلامه اذهب إليه فقل له إني أسأله أن يكون اليوم عندي فمضيت إليه فجئته به .
فلما تغدوا وضع النبيذ فقال له المارقي إني كنت سمعتك تغني صوتا فيه زينب وأنا أحب أن آخذه منك وكان يحيى يوفي هذا الشأن حقه من الأستقصاء فلا يخرج عنه إلا بحذر ولا يدع الطلب والمسألة ولا يلقي صوتا إلا بعوض .
قال لي جحظة في هذا الفصل هذا فديتك فعل يحيى مع ما أفاده من المال ومع كرم من عاشره وخدمه من الخلفاء مثل الرشيد والبرامكة وسائر الناس لا يلام ولا يعاب ونحن مع هؤلاء السفل إن جئناهم نكارمهم تغافلوا عنا وإن أعطونا التزر اليسير منوا به علينا وعابونا فمن يلومني أن أشتمهم فقلت ما عليك لوم .
قال فقال له يحيى وأي شيء العوض إذا ألقيت عليك هذا الصوت قال ما تريد قال هذه الزربية الأرمينية كم تقعد عليها أما آن لك أن تملها قال بلى وهي لك .
قال وهذه الظباء الحرمية وأنا مكي لا أنت وأنا أولى بها قال هي لك وأمر بحملها معه فلما حصلت له قال المارقي يا غلام هات العود قال يحيى والميزان والدراهم وكان لا يغني أو يأخذ خمسين درهما فأعطاه إياه فألقى عليه قوله .
( بزينبَ ألمم قبلَ أن يَرْحَلَ الركبُ ... وقُلْ إن تَمَلِّينا فما ملّكِ القلبُ ) .
ولحنه لكردم ثقيل أول فلم يشك المارقي أنه قد أخذ الصوت الذي طلبه إبراهيم وأدرك حاجته .
فبكر إلى إبراهيم وقد أخذ الصوت فقال له قد جئتك