فغناه إياه فشق قميصه ورجع إلى موضعه من الشمس وقد ازداد بردا وجهدا .
فقال له رجل ما أغنى عنك ما غناك من شق قميصك فقال له يا ابن أخي إن الشعر الحسن من المغني الحسن ذي الصوت المطرب أدفأ للمقرور من حمام محمى .
فقال له رجل أنت عندي من الذين قال الله جل وعز ( فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ) فقال بل أنا من الذين قال تبارك وتعالى ( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) وقد أخبرني بهذا الخبر علي بن عبد العزيز عن ابن خرداذبه فذكر قريبا من هذا ولفظ أبي أيوب وخبره أتم .
وأخبرني إسماعيل بن يونس الشيعي المعروف بإبن أبي اليسع قال حدثنا عمر بن شبة أن سياطا مر بأبي ريحانة المدني فقال له بحق القبر ومن فيه غنني بلحنك في شعر ابن جندب .
( لكلّ حَمامٍ أنت باكٍ إذا بكى ... ودمعُك منهلٌّ وقلبك يخفِقُق ) .
( مخافةَ بُعْدٍ بَعْدَ قُرْبٍ وهجرةٍ ... تكون ولمّا تأتِ والقلبُ مُشْفِق ) .
( ولي مهجةٌ ترفضُّ من خوف عَتْبها ... وقلبٌ بنار الحبّ يَصْلَى ويُحْرق ) .
( أظلُّ خَلِيعا بين أهلي ميتَّمًاً ... وقلبي لِما يرجوه منها معلّق ) .
فغناه إياه فلما استوفاه ضرب بيده على قميصه فشقه حتى خرج منه وغشي عليه .
فقال له رجل لما أفاق يا أبا ريحانة ما أغنى عنك الغناء ثم ذكر باقي الخبر .
أخبرني إسماعيل قال حدثني عمر بن شبة قال مرت جارية بأبي ريحانة يوما على ظهرها قربة وهي تغني وتقول