فإذا أنشدكها فأخرجه من المسجد واضرب عنقه وجئني برأسه وإن أنشدك قصيدته اللامية التي يمدحني بها فادفع إليه الألف الدينار والخلعة وما أراه ينشدك غيرها ولا يعترف بالحائية .
قال فأتاه الرسول فوجده كما قال المنصور فجلس إليه واستنشده قصيدته في عبد الواحد فقال ما قلت هذه القصيدة قط ولا أعرفها وإنما نحلها إياي من يعاديني ولكن إن شئت أنشدتك أحسن منها قال قد شئت فهات فأنشده .
( سَرى ثوبَه عنك الصِّبا المتخايلُ ... ) .
حتى أتى على آخرها ثم قال هات ما أمرك أمير المؤمنين بدفعه إلي فقال أي شيء تقول يا هذا وأي شيء دفع إلي فقال دع ذا عنك فوالله ما بعثك إلا أمير المؤمنين ومعك مال وكسوة لي وأمرك أن تسألني عن هذه القصيدة فإن أنشدتك إياها ضربت عنقي وحملت رأسي إليه وإن أنشدتك هذه اللامية دفعت إلي ما حملك إياه فضحك الرسول ثم قال صدقت لعمري ودفع إليه الألف الدينار والخلعة .
فما سمعنا بشيء أعجب من حديثهما .
أخبرني محمد بن مزيد قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا عمي عن جدي قال لما انشد ابن هرمة المنصور قصيدته اللامية التي مدحه بها أمر له بألف درهم فكلمه فيه المهدي واستقلها فقال يا بني لو رايت هذا بحيث رأيته وهو واقف بين يدي عبد الواحد بن سليمان ينشده .
( وجدنا غالباً كانت جناحاً ... وكان أبوك قادمةَ الجناحِ ) لاستكثرت له ما استقللته ولرأيت أن حياته بعد ذلك القول ربح كثير .
والله إني يا بني ما هممت له منذ يومئذ بخير فذكرت قوله إلا زال ما عرض بقلبي إلى ضده حتى أهم بقتله ثم أعفو عنه فأمسك المهدي