قال فلما قرأت الشعر قالت لها إنه خداع ملق وليس لما شكاه أصل قالت يا مولاتي فما عليك من امتحانه قالت قد أذنت له وما زال حتى ظفر ببغيته فقولي له إذا كان المساء فليجلس في موضع كذا وكذا حتى يأتيه رسولي فانصرفت الجارية فأخبرته فتأهب لها فلما جاءه رسولها مضى معه حتى دخل إليها وقد تهيأت أجمل هيئة وزينت نفسها ومجلسها وجلست له من وراء ستر فسلم وجلس فتركته حتى سكن ثم قالت له أخبرني عنك يا فاسق ألست القائل .
( هلاَّ اسْتَحيْتِ فتَرْحَمِي صَبَّا ... صَدْيَانَ لم تَدَعي له قَلْبَا ) .
( جَشِمَ الزيارةَ في مودّتكم ... وأراد ألاّ تُرْهِقِي ذَنْبَا ) .
( ورَجَا مُصَالَحَةً فكان لكم ... سَلْماً وكنتِ تَرَيْنَه حَرْبَا ) .
( يا أيها المُعْطِي مودّتَه ... مَنْ لا يَرَاك مُسامِياً خِطْبَا ) .
( لا تَجْعَلَنْ أحداً عليك إذا ... أحببتَه وهَوِيتَه رَبَّا ) .
( وصِلِ الحبيبَ إذا شُغِفَتْ به ... واطوِ الزيارةَ دونَه غِبَّا ) .
( فلَذَاكَ أحسنُ من مُوَاظَبةٍ ... ليستْ تَزِيدُكَ عنده قُرْبَا ) .
( لا بل يَملُّكَ عند دَعْوته ... فيقولُ هَاهِ وطَالمَا لبَّى ) .
فقال لها جعلت فداك إن القلب إذا هوي نطق اللسان بما يهوى فمكث عندها شهرا لا يدري أهله أين هو ثم استأذنها في الخروج فقالت له بعد أن فضحتني لا والله لا تخرج إلا بعد أن تتزوجني ففعل وتزوجها فولدت منه ابنين أحدهما جوان وماتت عنده