لما خرج أبي إلى البصرة خرجته الأولى وعاد أنشدني في ذلك لنفسه .
صوت .
( ما كنتُ أعرِف ما في البين من حَزَنِ ... حتى تَنادَوْا بأن قد جِيء بالسُّفُنِ ) .
( قامتْ تودّعني والعينُ تَغْلِبها ... فَجَمْجَمَت بعضَ ما قالت ولم تُبِنِ ) .
( مالت عليّ تُفدِّيني وتَرْشُفُني ... كما يَميل نسيمُ الرّيح بالغُصُن ) .
( وأعرضْت ثم قالت وهي باكيةٌ ... يا ليت معرفتي إيّاك لم تكُن ) .
( لمّا افترقنا على كُرَهٍ لفُرقتها ... أيقنتُ أنّي رهينُ الهمِّ والحَزِنَ ) .
أخبرني محمد بن مزيد قال حدثني حماد بن إسحاق عن أبيه قال .
أنشدني شداد بن عقبة لجميل .
( قِفِي تَسْلُ عنكِ النفسُ بالخُطّةِ التي ... تُطيلين تخويفي بها ووعيدي ) .
( فقد طالما من غير شكوى قبيحةٍ ... رضِينا بحكمٍ منكِ غيرِ سديدِ ) .
قال فأنشدت الزبير بن بكار هذين البيتين فقال لو لم أنصرف من العراق إلا بهما لرأيتهما غنما .
وأنشدني شداد لجميل أيضا .
( بُثّيْن سَلِيني بعضَ مالي فإنما ... يُبَيَّن عند المال كلُّ بخيلِ ) .
( فإني وتَكراري الزيارةَ نحوَكم ... لَبَيْن يَدَيْ هَجرٍ بُثّيْن طويلِ ) .
قال أبي فقلت لشداد فهلا أزيدك فيهما فقال بلى فقلت