تذكرون من إسحاق شيئا تقاربون به وصفه .
كان والله إسحاق غرة في زمانه وواحدا في دهره علما وفقها وأدبا ووقارا ووفاء وجودة رأي وصحة مودة .
كان والله يخرس الناطق إذا نطق ويحير السامع إذا تحدث لا يمل جليسه مجلسه ولا تمج الآذان حديثه ولا تنبو النفوس عن مطاولته .
إن حدثك ألهاك وإن ناظرك أفادك وإن غناك أطربك .
وما كنت ترى خصلة من الأدب ولا جنسا من العلم يتكلم فيه إسحاق فيقدم أحد على مساجلته ومباراته .
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا يزيد بن محمد المهلبي قال حدثني أحمد بن يحيى المكي قال .
أمر المأمون يوما بالفرش الصيفي أن يخرج فأخرج فيما أخرج منه بساط طبري أو أصبهبذاني مكتوب في حواشيه .
صوت .
( لَجّ بالعين واكِفْ ... مِن هَوىً لا يُساعِفُ ) .
( كلّما جَفّ دمعُه ... هيّجتْه المعازِف ) .
( إنما الموتُ أن تفارق ... َ مَنْ أنت آلِفُ ) .
( لك حُبّان في الفؤاد ... تَليدٌ وطارِف ) .
قال فاستحسن المأمون هذه الأبيات وبعث إلى إسحاق فأحضره وأمره إن يصنع فيها لحنا ويعجل به فصنع فيها الهزج الذي يغنى به اليوم