يكن أحد في زماني أضرب مني إلا أنكم أعفيتموني فتفلت مني وعلى أن معي بقية لا يتعلق بها أحد من هذه الطبقة ثم قال يا ملاحظ شوش عودك وهاته ففعل ذلك ملاحظ فقال يا أمير المؤمنين هذا يخلط الأوتار تخليط متعنت فهو لا يألو ما أفسدها ثم أخذ العود فجسه ساعة حتى عرف مواقعه ثم قال يا ملاحظ غن أي صوت شئت فغنى ملاحظ صوتا وضرب عليه إسحاق بذلك العود الفاسد التسوية فلم يخرجه عن لحنه في موضع واحد حتى استوفاه عن نقرة واحدة ويده تصعد وتنحدر على الدساتين فقال له الواثق لا والله ما رأيت مثلك ولا سمعت به اطرح هذا على الجواري فقال هيهات يا أمير المؤمنين هذا لا تعرفه الجواري ولا يصلح لهن إنما بلغني أن الفهليذ ضرب يوما بين يدي كسرى فأحسن فحسده رجل من حذاق أهل صنعته فترقبه حتى قام لبعض شأنه ثم خالفه إلى عوده فشوش بعض أوتاره فرجع فضرب وهو لا يدري والملوك لا تصلح في مجالسها العيدان فلم يزل يضرب بذلك العود الفاسد إلى أن فرغ ثم قام على رجله فأخبر الملك بالقصة فامتحن العود فعرف ما فيه ثم قال زه وزه وزهان زه ووصله بالصلة التي كان يصل بها من خاطبه هذه المخاطبة فلما تواطأت الرواية بهذا أخذت نفسي ورضتها عليه وقلت لا ينبغي أن يكون الفهليذ أقوى على هذا مني فما زلت أستنبطه بضع عشرة سنة حتى لم يبق في الأرض موضع على طبقة من الطبقات إلا وأنا أعرف نغمته كيف هي والمواضع التي يخرج النغم كلها منه فيها من أعاليها إلى أسافلها وكل شيء منها يجانس شيئا غيره كما أعرف ذلك في مواضع الدساتين وهذا شيء لا تفي به الجوراي .
قال له الواثق صدقت ولئن مت لتموتن هذه الصناعة معك وأمر له بثلاثين ألف درهم