صالح جاره قال .
بينا أنا عشية في منزلي إذ أتاني خادم من خدم الرشيد فاستحثني بالركوب إليه فخرجت شبيها بالراكض فلما صرت إلى الدار عدل بي عن المدخل إلى طرق لا أعرفها فانتهي بي إلى دار حديثة البناء فدخلت صحنا واسعا وكان الرشيد يشتهي الصحون الواسعة فإذا هو جالس على كرسي في وسط ذلك الصحن ليس عنده أحد إلا خادم يسقيه وإذا هو في لبسته التي كان يلبسها في الصيف غلالة رقيقة متوشح عليها بإزار رشيدي عريض العلم مضرج فلما رآني هش لي وسر وقال يا موصلي إني اشتهيت أن أجلس في هذا الصحن فلم يتفق لي إلا اليوم وأحببت ألا يكون معي ومعك أحد ثم صاح بالخدام فوافاه مائة وصيف وإذا هم بالأرقة مستترون بالأساطين حتى لا يراهم فلما ناداهم جاؤوا جميعا فقال مقطعة لإبراهيم وكان هو أول من قطع المصليات فأتيت بمقعد فألقي لي تجاه وجهه بالقرب منه ودعا بعود فقال بحياتي أطربني بما قدرت قال ففعلت واجتهدت في ذلك ونشطت ورجوت الجائزة في عشيتي فبينا أنا كذلك إذ جاءه مسرور الكبير فقام مقامه الذي كان إذا قامه علم الرشيد أنه يريد أن يساره بشيء فأومأ إليه بالدنو فدنا فألقى في أذنه كلمة خفيفة ثم تنحى فاستشاط غضبا واحمرت عيناه وانتفخت أوداجه ثم قال حتام أصبر على آل بني أبي طالب والله لأقتلنهم ولأقتلن شيعتهم ولأفعلن ولأفعلن فقلت إنا لله ليس عند هذا أحد يخرج غضبه عليه أحسبه والله سيوقع بي فاندفعت أغني .
صوت .
( نعِمَ عَوْناً على الهموم ثلاثُ ... مُتْرَعَاتٌ من بعدهنّ ثلاثُ )