كنت فيه إذا حيتان مقبلتان نحوي من شق القبر تدوران حولي بحفيف شديد فهممت أن آخذ واحدة بيدي اليمنى والأخرى بيدي اليسرى فإما علي وإما لي ثم كفيتهما فدخلتا من الثقب الذي خرجتا منه فمكثت في ذلك القبر ما شاء الله ثم أخرجت منه ووجهت إلى أبي عثمان الخادم أسأله أن يبيعني جشة لأكافئها عما أولتني ففعل فزوجتها من حاجب لي ولم تزل عندنا .
قال إسحاق مكثت عندنا حتى ماتت وبقيت بنت لها يقال لها جمعة فزوجتها من مولى لي في سنة أربع وثلاثين ومائتين .
قال إبراهيم وقلت في الحبس وأنا مقيد .
( ألاَ طال ليلِي أُراعي النجوم ... أُعَالج في السّاق كَبْلاً ثقيلاَ ) .
( بدارِ الهَوَان وشرِّ الديار ... أُسامُ بها الخسفَ صبراً جميلا ) .
( كثيرَ الأخلاّء عند الرّخاء ... فلمّا حُبِستُ أراهم قليلا ) .
( لطول بلائيَ مَلَّ الصديقُ ... فلا يأمَنَنّ خليلٌ خليلا ) .
قال ثم أخرجني المهدي وأحلفني بالطلاق والعتاق وكل يمين لا فسحة لي فيها ألا أدخل على ابنيه موسى وهارون أبدا ولا أغنيهما وخلى سبيلي .
قال وصنعت في الحبس لحنا في شعر أبي العتاهية لما حبسه المهدي بسبب عتبة وهو .
صوت .
( أيا وَيْحَ قَلْبِي من نَجِيّ البَلاَبِلِ ... ويا ويحَ ساقِي من قُرُوح السّلاسلِ ) .
( ويا ويحَ نفسي وَيْحَها ثم ويحها ... ألَمْ تَنْجُ يوماً من شِباك الحبائل ) .
( ويا ويحَ عَيْنِي قد أضرّ بها البَكا ... فلم يُغْنِ عنها طِبُّ ما في المَكاحِل ) .
( ذَرِيني أُعَلِّلْ نفسيَ اليوم إنها ... رهينةُ رَمْسٍ في ثَرىً وجَنَادل ) .
( ذَريني أُعَلَّل بالشّراب فقد أرَى ... بقيّةَ عيشي هذه غيرَ طائل )