جعلني الله فداك اطلب لي الإذن عليه مرة واحدة فإن أعجبه شيء مما أغنيه وإلا انصرفت إلى بلادي .
فلما جلس الوليد في مجلس اللهو ذكره الغمر وطلب له الإذن وقال له إنه هابك فحضر قال فأذن له فبعث إليه فأمر مالك الغلام فسقاه ثلاث صراحيات صرفا فخرج حتى دخل عليه يخطر في مشيته .
وقال غير ابن الكلبي إنه قال لفراش للوليد اسقني عسا من شراب ولك دينار فسقاه إياه وأعطاه الدينار ثم قال له زدني آخر فأزيدك آخر ففعل حتى شرب ثلاثة ثم دخل على الوليد يخطر في مشيته فلما بلغ باب المجلس وقف ولم يسلم وأخذ بحلقة الباب فقعقعها ثم رفع صوته فغنى .
( لا عَيْشَ إلا بمالكِ بنِ أبي السمْح ... فلا تَلْحَنِي ولا تَلُمِ ) .
فطرب الوليد ورفع يديه حتى بدا إبطاه إليه مادا لهما وقام فاعتنقه قائما وقال له ادن يابن أخي فدنا حتى اعتنقه ثم أخذ في صوته ذلك فلم يزالوا فيه أياما وأجزل صلته حين أراد الانصراف .
قال ولما أتى مالك على قوله .
( أبْيضُ كالسيف أو كما يَلْمَعُ البارقُ ... في حالِكٍ من الظُّلَمِ ) .
قال له الوليد .
( أحْولُ كالقِرْد أو كما يَرْقُبُ السارقُ ... في حالكٍ من الظُّلَمِ )