أحسنكم سمتا فإذا تكلمتم فأبينكم منطقا فإذا اختبرناكم فأحسنكم فعلا .
وقوله لو قلت للسيل دع طريقك يقول أنت ملك هذا الأبطح والمطاع فيه فكل من تأمره يطيعك فيه حتى لو أمرت السيل بالانصراف عنه لفعل لنفوذ أمرك وإنما ضرب هذا مثلا وجعله مبالغة لأنه لا شيء أشد تعذرا من هذا وشبهه فإذا صرفه كان على كل شيء سواه أقدر .
وقوله لساخ أي لغاض في الأرض .
وارتد أي عدل عن طريقه وإن لم يجد إلى ذلك سبيلا كان له منعرج عنك إلى سائر الأرض .
ابن عائشة استعرض الوليد بأن غنى له في شعر طريح .
أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه قال إسحاق وحدثني به الواقدي عن أبي الزناد عن إبراهيم بن عطية .
أن الوليد بن يزيد لما ولي الخلافة بعث إلى المغنين بالمدينة ومكة فأشخصهم إليه وأمرهم أن يتفرقوا ولا يدخلوا نهارا لئلا يعرفوا وكان إذ ذاك تيستر في أمره ولا يظهره فسبقهم ابن عائشة فدخل نهارا وشهر أمره فحبسه الوليد وأمر به فقيد وأذن للمغنين وفيهم معبد فدخلوا عليه دخلات ثم إنه جمعهم ليلة فغنوا له حتى طرب وطابت نفسه .
فلما رأى ذلك منه معبد قال لهم أخوكم ابن عائشة فيما قد علمتم فاطلبوا فيه .
ثم قال يا أمير المؤمنين كيف ترى مجلسنا هذا قال حسنا لذيذا .
قال فكيف لو رأيت ابن عائشة وسمعت ما عنده قال فعلي به .
فطلع ابن عائشة يرسف في قيده .
فلما نظر إليه الوليد اندفع ابن عائشة فغناه في شعر طريح والصنعة فيه له .
( أنت ابنُ مُسْلَنْطِح البِطَاح ولم ... تُطْرِقْ عليك الحُنِيُّ والوُلُجُ )