ثم أمر بسريره فأبرز وليس عليه يومئذ حجاب فإذا كان ذلك اليوم أعلمتك فتكون قد دخلت عليه وظفرت بحاجتك وأكون أنا على حال عذر فلما كان ذلك اليوم دخل الحمام وأمر بسريره فأبرز وجلس عليه وأذن للناس فدخلوا عليه والوليد ينظر إلى من أقبل .
وبعث الحاجب إلى طريح فأقبل وقد تتام الناس .
فلما نظر الوليد إليه من بعيد صرف عنه وجهه واستحيا أن يرده من بين الناس فدنا فسلم فلم يرد عليه السلام .
فقال طريح يستعطفه ويتضرع إليه .
( نام الخَليُّ من الهُمومِ وبات لِي ... ليلٌ أُكَابِدُه وهَمٌّ مُضْلِعُ ) .
( وسَهِرْتُ لا أَسْرِي ولا في لَذّةٍ ... أرَقي وأغْفَل ما لَقيتُ الهُجَّعُ ) .
( أبغي وجوَه مَخَارجي من تُهْمةٍ ... أَزَمتْ عليّ وسُدَّ منها المَطْلَعُ ) .
( جزعاً لمَعْتَبِة الوليدِ ولم أكُنْ ... من قبلِ ذاك من الحوادث أَجْزَعُ ) .
( يابنَ الخلائفِ إنّ سُخْطَك لامرئٍ ... أمسيتَ عِصْمَته بلاءٌ مُفْظِعُ ) .
( فَلانْزِعنّ عن الذي لم تَهْوَه ... إنْ كان لي ورأيتُ ذلك مَنْزعُ ) .
( فاعْطِفْ فِدَاك أبي عليّ تَوَسُّعاً ... وفضيلةً فعلى الفضيلة تتبعُ ) .
( فلقد كفاكَ وزادَ ما قد نالني ... إن كنتَ لي ببلاء ضُرٍّ تَقْنَعُ ) .
( سِمَةٌ لذاك عليَّ جِسْمٌ شاحبٌ ... بادٍ تَحسُّرُه ولونٌ أَسْفَعُ ) .
( إنّ كنتَ في ذنبٍ عتبتَ فإِنّني ... عمّا كَرهتَ لنازعٌ متضرِّعُ ) .
( ويئستُ منك فكلُّ عُسْرٍ باسطٌ ... كفّاً إليّ وكلُّ يُسْرٍ أقْطَعُ ) .
( من بعد أخْذِي من حبالك بالّذي ... قد كنتُ أحسَبُ أنّه لا يُقْطَع ) .
( فاربُبْ صنيعَك بي فإنّ بأعينِ ... للكاشحين وسمْعِهم ما تصنَع )